فلو كان الحائل ظرفا أو شبهه اتفقا على ترجيح النصب، لأن الفصل بهما مغتفر في مواضع كثيرة.
وزعم أبو محمد بن السيِّد أن نصب الاسم قبل المنفي بلم أو لن أولا راجح على الرفع، وليس بصحيح، لأن تقديم الاسم على فعل منفي بغير ما كتقدمه على فعل مثبت، فإنهما متقابلان كتقابل الأمر والنهي، فكما يستوي المتقدم على فعل الأمر والنهي كذلك يستوي المتقدم على فعلي الإثبات والنفي بغير ما، فلو كان النفي بما لم يجز النصب لأنها من بين حروف النفي مخصوصة بالتصدير. ولما تقدم التنبيه على مواضع النصب وموجباته ومرجحاته، نعلم من هذا أن رفع زيد أجود من نصبه في قولك زيد ضربته وزيد لقيته وعمرو هجوته وزيد أحببته وشبه ذلك مما لا قرينة فيه من القرائن المقدم ذكرها.
وإذا تقدم على المشتغل عنه اسم هو وفاعل المشغول دالان على شيء واحد نحو أنا زيد ضربته وأنت عمرو أهنته رجح نصب المشتغل عنه عند الكسائي، لأن تقديمه وهو الفاعل في المعنى منبّه على مزيد العناية بالحديث عنه، فكأن المسند إليه متقدم، ولا اكتراث بذلك عند غير الكسائي، لأن الاسم المشار إليه لا يدل على فعل ولا يقتضيه فوجوده وعدمه سيّان.
ص: وملابسة الضمير بنعت أو معطوف بالواو غير مُعادٍ معه العامل كملابسته بدونهما وكذا الملابسة بالعطف في غير ذا الباب، ولا يمنع نصب المشتغل عنه مجرورٌ حقّق فاعلية ما علق به خلافا لابن كيسان. وإن رفع المشغول عنه شاغله لفظا أو تقديرا فحكمه في تفسير رافع الاسم السابق حكمه في تفسير ناصبه.