فإن قيل فبأي اعتبار جاز أن يعمل تكفرون وهو حاضر المعنى في مضمون وكنتم أمواتا وهو ماضي المعنى، وحق الحال وعاملها أن يقترنا في الوجود؟ فالجواب أن الاقتران يقنع منه بالتقدير هنا كما قنع منه بالتقدير في نحو زيد اليوم في يده صقر صائدا به غدا. فالحال كنتم أمواتا ماضية مقدرة الحضور، وفي "صائدا به غدا" مستقبلة مقدرة الحضور، فإن لم تتضمن الجملة الحالية ضميرا يعود إلى صاحب الحال لزمت الواو وقد كقول امرئ القيس:
فجِئْتُ وقد نَضَّتْ لنَوْم ثيابَها ... لدى الستْر إلّا لِبْسة المتفضِّل
وكقول النابغة:
فلو كانت غداة البين مَنَّتْ ... وقد رَفعوا الخُدورَ على الخيام
سمحتُ بنظرة فرأيتُ منها ... تُحَيت الخِدر واضعةَ القِرام
وكقول علقمة:
فجالدتَهم حتى اتّقوْك بكبْشهم ... وقد حان من شمس النهارِ غُروب
وكقول امرئ القيس:
أيقتُلني وقد شَغَفْتُ فؤادَها ... كما شغف المهنوءةَ الرجلُ الطَّالِي
وإن كانت الجملة الحالية مؤكدة منعت الواو اسمية كانت أو فعلية نحو هو الحق لا ريب فيه، وكقول امرئ القيس:
خالي ابنُ كَبْشَةَ قد علمتَ مكانَه ... وأبو يزيدَ ورهْطُه أعمامي
وخلت هذه من الواو لاتحادها بصاحبها من وجهين: أحدهما كونها حالا والحال