صالح للاستغناء به عن فاعل معدّاها مجازا نحو (فأخرج به من الثَّمرات رزقًا) و (تُرهبون به عدوَّ الله وعَدُوَّكم). فلو قصد إسناد الإخراج إلى الهاء من قوله تعالى (فأخرج به) وإسناد الإرهاب إلى الهاء من قوله تعالى (ترهبون به) فقيل أنزل ما أخرج من الثمرات رزقا، وما استطعتم يرهب عدو الله، لصحّ وحسُن، لكنه مجاز والآخر حقيقة. ومنه كتبت بالقلم وقطعت بالسكين، فإنه يصح أن يقال كتب القلم وقطع السكين.
والنحويون يعبرون عن هذه بالباء بباء الاستعانة. وآثرت على ذلك التعبير بالسببية من أجل الأفعال المنسوبة إلى الله تعالى، فإن استعمال السببية فيها يجوز، واستعمال الاستعانة فيها لا يجوز. وباء التعليل هي التي يحسن غالبا في موضعها اللام كقوله تعالى (إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم) و (فبظُلم من الذين هادوا حرّمنا عليهم طيّبات أُحِلّت) و (إنّ الملأ يأتمرون بك) وكقول الشاعر:
واحترزت بقولي "غالبا" من قول بعض العرب: غضبت لفلان، إذا غضبت من أجله وهو حيّ، وغضبت به إذا غضبت من أجله وهو ميّت. وباء المصاحبة هي التي يحسن في موضعها "مع" وتغني عنها وعن مصحوبها الحال كقوله تعالى (قد جاءكم الرَّسولُ بالحقّ) أي مع الحق ومحِقًّا، وكقوله تعالى (اهْبِط بسلامٍ