للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: قد بيّنت في باب المفعول فيه أن من جملة أسماء الزمان المبنيّة مُذْ ومنذُ إذا وليهما مرفوع أو جملة، وأنهما يكونان حرفي جر، واستوفيت القول بما أغنى عن مزيد فليعلم ذلك.

ومن حروف الجر "رُبَّ" وفيها عشر لغات: أربع بتشديد الباء، وست بتخفيفها وقد ذكرت. وهي حرف عند البصريين، واسم عند الكوفيين والأخفش في أحد قوليه. وحرفيتها أصح لخلوها من علامات الأسماء اللفظية والمعنوية، ومساواتها الحرف في الدلالة على معنى في مسمى غير مفهوم جنسه بلفظها، بخلاف أسماء الاستفهام والشرط فإنها تدل على معنى في مسمى مفهوم بلفظها. ومقتضى هذا التقدير أن تكون "كَمْ" حرفا، لكن اسميتها ثابتة بالعلامات اللفظية وهي الإضافة إليها ودخول حرف الجر عليها والابتداء بها، وإيقاع الأفعال عليها وعود الضمير إليها.

واستدل الكوفيون على اسميتها بقول الشاعر:

إنْ يقتلوكَ فإنّ قتلك لم يكنْ ... عارًا عليك، ورُبَّ قَتْلٍ عارُ

فزعموا أن "رُبّ" مبتدأ و"عار" خبر، والصحيح أنه خبر مبتدأ محذوف والجملة صفة لقتل والتقدير: رُبّ قتل هو عار. وأكثر النحويين يقولون معنى رُبّ التقليل. قال أبو العباس: "رب تنبئ عما وقعت عليه أنه قد كان وليس بالكثير، فلذلك لا تقع إلا على نكرة، لأن ما بعدها يخرج مخرج التمييز". وقال ابن السراج: "النحويون كالمجمعين على أن رُبّ جواب لما، تقول: رب رجل

<<  <  ج: ص:  >  >>