للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل: لأنه يتضمن الاستيقاظ، والذكر، والدعاء في ذلك الوقت الشريف وقت تنزل الرحمة وقبول الدعاء والاستغفار، وربما توضأ صاحبه وصلى، أو أدام الاستيقاظ للذكر والدعاء والصلاة أو التأهب لها حتى يطلع الفجر (١).

وعَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ، صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ، يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَتَسَحَّرُ، فَقَالَ: «إِنَّهَا بَرَكَةٌ أَعْطَاكُمُ اللَّهُ إِيَّاهَا فَلَا تَدَعُوهُ» (٢).

وعَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِغَدَاءِ السُّحُورِ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَدَاءُ الْمُبَارَكُ» (٣)، وسبب البركة: أنه يقوي الصائم، وينشطه، ويهون عليه الصيام.

وعَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ» (٤).

قال ابن حجر في «فتح الباري»: «السحور» هو بفتح السين وبضمها؛ لأن المراد بالبركة الأجر والثواب فيناسب الضم؛ لأنه مصدر بمعنى التسحر، أو البركة؛ لكونه يقوي على الصوم وينشط له ويخفف المشقة فيه فيناسب الفتح؛ لأنه ما يتسحر به.

وقيل: البركة ما يتضمن من الاستيقاظ والدعاء في السحر، والأولى أن البركة في السحور تحصل بجهات متعددة وهي: اتباع السنة، ومخالفة أهل الكتاب، والتقوي به على العبادة، والزيادة في النشاط، ومدافعة سوء الخلق الذي يثيره الجوع، والتسبب بالصدقة على من


(١) انظر: شرح صحيح مسلم للنووي (٧/ ٢٠٦).
(٢) أخرجه النسائي في «السنن الصغرى» (٢١٦٢)، وقال الشيخ الألباني: صحيح.
(٣) أخرجه النسائي في «السنن الصغرى» (٢١٦٤)، وقال الشيخ الألباني: صحيح الإسناد.
(٤) أخرجه ابن حبان في «صحيحه»، وقال الشيخ الألباني: حسن، وقال الشيخ: شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح.

<<  <   >  >>