للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن سنن الصيام:

[٥ - النهي عن قول الزور، والعمل به، والجهل في الصوم]

إن الصيام الذي أمرنا الله -عز وجل- به ليس صيامًا عن الطعام والشراب فقط، ولكنه صيام الجوارح كلها عن معصية الله عز وجل، وهذا هو مقصود الصيام وحقيقته، فالصائم لا يقول إلا خيرًا، ولا يغتاب ولا ينم ولا يسخر من أحدٍ.

قال ابن القيم-رحمه الله-:

الصائم هو: الذي صامت جوارحه عن الآثام، ولسانه عن الكذب والفحش وقول الزور، وبطنه عن الطعام والشراب، وفرجه عن الرفث.

فإن تكلم لم يتكلم بما يجرح صومه، وإن فعل لم يفعل ما يفسد صومه، فيخرج كلامه كله نافعاً صالحاً، وكذلك أعماله فهي بمنزلة الرائحة التي يشمها من جالس حامل المسك، كذلك من جالس الصائم انتفع بمجالسته وأمن فيها من الزور والكذب والفجور والظلم، هذا هو الصوم المشروع لا مجرد الإمساك عن الطعام والشراب.

فالصوم هو صوم الجوارح عن الآثام، وصوم البطن عن الشراب والطعام، فكما أن الطعام والشراب يقطعه ويفسده فهكذا الآثام تقطع ثوابه وتفسد ثمرته، فتصيره بمنزلة من لم يصم (١).

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» (٢).

وفي لفظٍ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ بِأَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَلَا شَرَابَهُ» (٣).


(١) انظر: الوابل الصيب من الكلم الطيب لابن القيم (٢٦).
(٢) أخرجه البخاري (١٩٠٣)، وأبو داود في «سننه» (٢٣٦٢)، والترمذي في «سننه» (٧٠٧)، والنسائي في «السنن الكبرى» (٣٢٣٣)، وابن خزيمة في «صحيحه» (١٩٩٥).
(٣) أخرجه أحمد في «المسند» (٩٨٣٩)، وابن ماجه في «سننه» (١٦٨٩)، والنسائي في «السنن الكبرى» (٣٢٣٢)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٨٣١١).

<<  <   >  >>