وقال ابن القيم -رحمه الله-: وكان - صلى الله عليه وسلم - يحض على الفطر بالتمر، فإن لم يجد فعلى الماء، هذا من كمال شفقته على أمته ونصحهم، فإن إعطاء الطبيعة الشيء الحلو مع خلو المعدة أدعى إلى قبوله وانتفاع القوى به، ولا سيما القوة الباصرة، فإنها تقوى به، وحلاوة المدينة التمر، ومرباهم عليه، وهو عندهم قوت وأدم ورطبه فاكهة.
وأما الماء: فإن الكبد يحصل لها بالصوم نوع يبس، فإذا رطبت بالماء كمل انتفاعها بالغذاء بعده؛ ولهذا كان الأولى بالظمآن الجائع أن يبدأ قبل الأكل بشرب قليل من الماء، ثم يأكل بعده، هذا مع ما في التمر والماء من الخاصية التي لها تأثير في صلاح القلب لا يعلمها إلا أطباء القلوب.
وكان - صلى الله عليه وسلم - يفطر قبل أن يصلي، وكان فطره على رطبات إن وجدها، فإن لم يجدها فعلى تمرات، فإن لم يجد فعلى حسواتٍ من ماء (١).