للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن مكروهات الصيام:

[٢ - الكلام القبيح والغيبة والنميمة والكذب]

يكره للصائم اللفظ القبيح والمشاتمة، والغيبة أكثر مما تكره لغيره، فإن شاتمه غيره، قال: إني صائم؛ لما روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلَا يَرْفُثْ، وَلَا يَجْهَلْ، فَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ، أَوْ شَاتَمَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ» (١).

وحكى عن بعض الناس: أنه قال: لا يتلفظ به؛ لأنه يكون إظهارًا لعبادته فيكون رياء، وإنما يقول ذلك في نفسه.

قال ابن الصباغ: ويمكن أن يحمل هذا على ظاهره ويتكلم بذلك ولا يقصد به الرياء، وإنما يقصد به كف الخصومة وإطفاء الشر بينهما، وإن خالف وشاتم لم يفطره، وهو قول كافة العلماء إلا الأوزاعي، فإنه قال: يفطر بذلك؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «خمس يفطرن الصائم» (٢) فذكر منها الغيبة والنميمة والكذب.

دليلنا: أنه نوع كلام، فلا يفطر به، كسائر أنواع الكلام.

وأما الخبر: فالمراد به: أنه يسقط ثوابه، حتى يصير في معنى المفطر، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من قال لأخيه والإمام يخطب: أنصت، فلا جمعة له» (٣)، ولم يرد أن صلاته تبطل، وإنما أراد أن ثوابه يسقط، حتى يصير في معنى من لم يصل (٤).


(١) أخرجه البخاري (١٨٩٤)، وأبو داود في «سننه» (٢٣٦٣)،
(٢) الحديث: «خمس يفطرن الصَّائِم: الْكَذِب، والغيبة، والنميمة، وَالْيَمِين الكاذبة، وَالنَّظَر بِشَهْوَة» قال في «اللآلىء»: مَوْضُوعٌ بِسَعِيدٍ يَعْنِيَ: ابْنَ عَنْبَسَةَ: كذاب والثلاثة فوقه مجروحون [الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، الشوكاني (٩٤)]، وقال الزيلعى فى نصب الراية (٢/ ٤٨٣): رواه ابن الجوزى فى «الموضوعات»، وقال: هذا حديث موضوع.
(٣) أخرجه البخاري (٩٣٤)، ومسلم (٨٥١) بلفظ: «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الجُمُعَةِ: أَنْصِتْ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ» من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٤) انظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي للعمراني (٣/ ٥٣٥، ٥٣٦).

<<  <   >  >>