للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن سنن الصيام:

[٨ - الدعاء عند الفطر]

يُسن للصائم الدعاء عند الفطر، وورد في ذلك عدة أحاديث، منها:

عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَفْطَرَ قَالَ: «ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ، وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» (١).

قال القاري -رحمه الله-: قوله: «ذهب الظمأ» بفتحتين، قال النووي في «الأذكار»: الظمأ مهموز الآخر مقصور، وهو العطش، وإنما ذكرت هذا وإن كان ظاهرًا لأني رأيت من اشتبه عليه فتوهمه ممدودًا، وفيه أنه قرئ: {لا يُصِيبهم ظمَاء} [التوبة: ١٢٠] بالمد والقصر، وفي القاموس: ظمئ كفرح ظمأ وظماء، ظماءة: عطش أو أشد العطش، ولعل كلام النووي محمول على أنه خلاف الرواية لا أنه غير موجود في اللغة.

«وابتلت العروق» أي: بزوال اليبوسة الحاصلة بالعطش، وأما قول ابن حجر هو مؤكد لما قبله فاسترواح؛ لأن منها نعمة مستقلة، نعم لو عكس العطش لكان تأكيدًا كما هو ظاهر في الجملة. «وثبت الأجر» أي: زال التعب وحصل الثواب.

وهذا حث على العبادات، فإن التعب يسير لذهابه وزواله، والأجر كثير لثباته وبقائه، قال الطيبي: ذكر ثبوت الأجر بعد زوال التعب استلذاذ، أي: استلذاذ، ونظيره قوله تعالى حكاية عن أهل الجنة: {((((((((((لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِن رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: ٣٤]. «إن شاء الله» متعلق بالأخير على سبيل التبرك، ويصح التعليق لعدم وجوب الأجر


(١) أخرجه أبو داود في «سننه» (٢٣٥٧)، وقال الشيخ الألباني: حسن، والدارقطني في «سننه» (٢٢٧٩)، والحاكم في «المستدرك» (١٥٣٦)، والطبراني في «الكبير» (١٤٠٩٧).

<<  <   >  >>