للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن سنن الصيام:

[١٣ - اعتكاف العشر الأواخر من شهر رمضان]

ويسن الاعتكاف فيه -أي: في شهر رمضان - وآكده العشر الأواخر منه؛ لحديث ابن عمر وعائشة -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ» (١) رواهما البخاري ومسلم (٢).

وقال أبو داود عن أحمد: لا أعلم عن أحد من العلماء خلافًا أن الاعتكاف مسنون، وأما المقصود منه: فهو جمع القلب على الله تعالى بالخلوة مع خلو المعدة، والإقبال عليه تعالى، والتنعم بذكره، والإعراض عما عداه (٣).

قال ابن القيم -رحمه الله-:

لما كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى، متوقفًا على جمعيته على الله عز وجل، ولم شعثه بإقباله بالكلية على الله تعالى، فإن شعث القلب لا يلمه إلا الإقبال على الله تعالى، وكان فضول الطعام والشراب، وفضول مخالطة الأنام، وفضول الكلام، وفضول المنام، مما يزيده شعثًا، ويشتته في كل واد ويقطعه عن سيره إلى الله تعالى، أو يضعفه أو يعوقه ويوقفه، اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يذهب فضول الطعام والشراب، ويستفرغ من القلب أخلاط الشهوات المعوقة له عن سيره إلى الله تعالى، وشرعه بقدر المصلحة، بحيث ينتفع به العبد في دنياه وأخراه، ولا يضره ولا يقطعه عن مصالحه العاجلة والآجلة.


(١) أخرجه البخاري (٢٠٢٥) ومسلم (١١٧١)،
(٢) انظر: المجموع شرح المهذب للنووي (٦/ ٣٧٧).
(٣) انظر: سبل السلام للصنعاني (١/ ٥٩٣).

<<  <   >  >>