للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن مكروهات الصيام:

[١٠ - كراهية الأكل لو شك في طلوع الفجر]

ولو شك في طلوع الفجر: فالمستحب له أن لا يأكل، هكذا روى أبو يوسف عن أبي حنيفة أنه قال: إذا شك في الفجر فأحب إلي أن يدع الأكل؛ لأنه يحتمل أن الفجر قد طلع فيكون الأكل إفسادًا للصوم، فيتحرز عنه.

والأصل فيه: ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لوابصة بن معبد: «الحَلاَلَ بَيِّنٌ، وَالحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ، فَدَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ» (١).

ولو أكل وهو شاك: لا يحكم عليه بوجوب القضاء عليه؛ لأن فساد الصوم مشكوك فيه؛ لوقوع الشك في طلوع الفجر، مع أن الأصل هو بقاء الليل فلا يثبت النهار بالشك.

وهل يكره الأكل مع الشك؟

روى هشام عن أبي يوسف: أنه يكره، وروى ابن سماعة عن محمد: أنه لا يكره، والصحيح قول أبي يوسف، وهكذا روى الحسن عن أبي حنيفة: أنه إذا شك فلا يأكل، وإن أكل فقد أساء؛ لما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلاَ إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ» (٢)، والذي يأكل مع الشك في طلوع الفجر يحوم حول الحمى فيوشك أن يقع فيه، فكان بالأكل معرضًا صومه للفساد، فيكره له ذلك (٣).


(١) أخرجه النسائي في «السنن الصغرى» (٥٤٤١).
(٢) أخرجه البخاري (٥٢)، ومسلم (١٥٩٩).
(٣) انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني (٢/ ١٠٥).

<<  <   >  >>