للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن آداب الصيام:

[٤ - أن لا يكثر من تناول الطعام أو الشراب]

يستحب أن لا يكثر من تناول الأطعمة والأشربة؛ وذلك اتباعًا لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -.

عَنْ الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِ يكَرِبَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ. بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ» (١).

قال العلامة السيوطي -رحمه الله-:

قال ابن القيم في «الهدي»: الأمراض نوعان: أمراض حادثة تكون عن زيادة مادة أفرطت في البدن حتى أضرت بأفعاله الطبيعيَّة، وهي الأمراض الأكثرية؛ وسببها إدخال الطعام على البدن قبل هضم الأول، والزيادة في القدر الذي يحتاج إليه البدن، وتناول الأغذية القليلة النفع البطيئة الهضم، والإكثار من الأغذية المختلفة التراكيب المتنوعة، وإذا ملأ الآدمي بطنه من هذه الأغذية واعتاد ذلك، أورثته أمراضًا متنوعة.

فإذا توسط في الغذاء وتناول منه قدر الحاجة وكان معتدلاً في كميته وكيفيته كان انتفاع البدن به أكثر من انتفاعه بالغذاء الكثير.

ومراتب الغذاء ثلاثة: أحدها: مرتبة الحاجة، ْوالثانية: مرتبة الكفاية، والثالثة: مرتبة الفَضْلَة.

فأخبر النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يكفيه لقيمات يقمن صلبه، فلا تسْقط قُوَّته ولا يَضعُفُ معها، فإن تجاوزها فليأكل في ثلث بطنه، ويدع الثلث الآخر للماء، والثلث للنفس؛ وهذا من أنفع ما للبدن والقلب، فإنَّ البطن إذا امتلأ من الطعام ضاق عن الشراب، فإذا ورد عليه الشراب ضاق عن النفس وعرض له الكرب والتعب بحمله، بمنزلة حامِلِ الحِمْلِ الثقيل، والشبع


(١) أخرجه الترمذي في «سننه» (٢٣٨٠)، وقال الشيخ الألباني: صحيح، وابن ماجه في «سننه» (٣٣٤٩)، والنسائي في «السنن الكبرى» (٦٧٣٩).

<<  <   >  >>