للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الإمام الخطابي -رحمه الله-: قلت هذا فيمن لزمه فرض الصوم، إما نذرًا، وإما قضاء عن رمضان فائت، مثل أن يكون مسافرًا فيقدم وأمكنه القضاء ففرط فيه حتى مات، أو يكون مريضًا فيبرأ ولا يقضي.

وإلى ظاهر هذا الحديث ذهب أحمد وإسحاق، وقالا: يصوم عنه وليه، وهو قول أهل الظاهر.

وتأوله بعض أهل العلم فقال معناه: أن يطعم عنه وليه، فإذا فعل ذلك فكأنه قد صام عنه، وسمي الإطعام صيامًا على سبيل المجاز والاتساع؛ إذ كان الطعام قد ينوب عنه، وقد قال سبحانه: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: ٩٥] فدل على أنهما يتناوبان.

وذهب مالك والشافعي: إلى أنه لا يجوز صيام أحد عن أحد، وهو قول أصحاب الرأي، وقاسوه على الصلاة ونظائرها من أعمال البدن التي لا مدخل للمال فيها.

واتفق عامة أهل العلم على أنه: إذا أفطر في المرض أو السفر ثم لم يفرط في القضاء حتى مات فإنه لا شيء عليه ولا يجب الإطعام عنه، غير قتادة فإنه قال: يطعم عنه، وقد حكي ذلك أيضاً عن طاوس (١).

وخلاصة ذلك: أن من مات ولم يقض فلا يخلو: إما أن يكون قد مات قبل أن يتمكن من القضاء، أو مات بعد التمكن، ولكنه لم يقض تقصيرًا.

١ - فإن مات قبل التمكن من القضاء: فلا إثم عليه، ولا تدارك له؛ لعدم تقصيره.

٢ - ومن مات بعد التمكن من القضاء: صام عنه وليه ـ ندبًا ـ الأيام الباقات في ذمته، والمقصود بالولي هنا: أي قريب من أقاربه.

ويصح صوم الأجنبي عنه إذا استأذن بذلك أحد أقاربه، فإن صام بغير إذن، ولا وصية من الميت لم يصح بدلاً عنه.


(١) انظر/ معالم السنن للخطابي (٢/ ١٢٢، ١٢٣).

<<  <   >  >>