للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودليلنا: الحديث الصحيح السابق ولا معارض له، وأما قول مالك: «لم أر أحدًا يصومها» فليس بحجة في الكراهة؛ لأن السنة ثبتت في ذلك بلا معارض فكونه لم ير لا يضر، وقولهم: «لأنه قد يخفى ذلك فيعتقد وجوبه» ضعيف؛ لأنه لا يخفى ذلك على أحد، ويلزم على قوله إنه يكره صوم عرفة وعاشوراء وسائر الصوم المندوب إليه، وهذا لا يقوله أحد (١).

وقال ابن رشد -رحمه الله-:

أن مالكًا كره ذلك، إما مخافة أن يلحق الناس برمضان ما ليس في رمضان، وإما لأنه لعله لم يبلغه الحديث، أو لم يصح عنده وهو الأظهر (٢).

وقال اللخمي -رحمه الله-:

وإذا ثبت الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا معنى للكراهة بأنه زيادة على الفرض، فإنه إنما يصومهن تطوعًا، لا بنية الفرض، وقد فصل بينه وبين الفرض بإفطار يوم العيد، والله أعلم (٣).

وقال الصنعاني -رحمه الله-:

إنه بعد ثبوت النص بذلك لا حكم لهذه التعليلات، وما أحسن ما قاله ابن عبد البر: إنه لم يبلغ مالكًا هذا الحديث، يعني حديث مسلم (٤).

وعَنْ ثَوْبَانَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ بِشَهْرَيْنِ، فَذَلِكَ صِيَامُ سَنَةٍ» (٥).


(١) انظر: المجموع شرح المهذب للنووي (٦/ ٣٧٩).
(٢) انظر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد (٢/ ٧١).
(٣) انظر: مختصر خلافيات البيهقي للخمي (٣/ ١٠٢).
(٤) انظر: سبل السلام، الصنعاني (١/ ٥٨٢).
(٥) أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (٢٨٧٣)، والدارمي في «سننه» (١٧٩٦).

<<  <   >  >>