جعفر، عند الحارث بن ظالم، فالتقوا برحرحان، وفيهم يومئذ الحارث بن ظالم، فقاتل في القوم، فلم يُذكر منه بلاء يومئذ،
فتفرقت بنو دارم، وهرب معبد بن زراررة، فقال رجل من غني لعامر والطفيل ابني مالك بن جعفر
بن كلاب: هذا رجل معلم بسب أحمر - وأصل السب الخمار وهو العمامة هاهنا - يستدمي - أي به
جرح - يُطاطئ رأسه فدمه يسيل، رأيته يسند في الهضبة. وكان معبد طُعن طعنة في كدرة الخيل -
أي دُفعتها - فصرع، فلما أجلت عنه الخيل سند في هضبة من رحرحان - ورحرحان جبل. فقال
عامر والطفيل للغنوي: اسند فاحدره فسند الغنوي فحدره عليهما. فإذا معبد بن زرارة، فأثابا الغنوي
عشرين بكرة ثوابا له من معبد، فكان أسيرهما. وأما درواس بن هني - ويقال هيي بياءين وكسر
الهاء - أحد بني زُرارة، فزعم أن معبداً كان برحرحان معتنزا - ومعناه متنحيا عن قومه - في
عُشراوات له، فأخبر الأحوص بمكانه، فاغتره فوقد لقيط بن زرارة عليهم في فداء أخيه، فقال: لكم
عندي مائتا بعير فقالوا: إنك يا أبا نهشل سيد الناس، وأخوك معبد سيد مُضر، فلا نقبل منك فداءه
إلادية ملك، فأبى أن يزيدهم، وقال: إن أبانا كان أوصانا أن لا نزيد لأسير منا على مائتي بعير فيحب
الناس أخذنا، فقال معبد: والله لقد كنت أبغض اخوتي إلي وفادة عليَّ، لا تدعني ويلك يا لقيط فو الله
إن غُيِّب نعمي من المنمح والفقر لأكثر من ألف بعير، فافدني بألف بعير من مالي، فقال لقيط: ما أنا
بمنط عنك شيئاً يكون على أهل بيتك سُنة سُبكاً - أي لازمة - ويدرب له الناس بنا يُدرب يعتاد،
فقال معبدُ ويلك يا لقيط لا تدعني فلا تراني بعد اليوم أبداً،