المدرة، فقاتلوهم حتى هزموهم وأخذوا ما كانوا استقاوا من آبالهم وانهزموا
- وقوله من آبالهم يريد من إبلهم - يقال لفلان إبلٌ كثيرة وآبال
كثيرة بمعنى واحد - قال وانهزموا، وقتلت بنو شيبان أبا مرحب ثعلبة بن الحارث بن حصبة، وألح
عتيبة وأسيد والأحيمر على بسطام، وكان أسيد أدنى إلى بسطام من الرجلين، فوقعت يد فرسه في
ثبرة - يعني في هوة وهي الوهدة تكون في الأرض كالحفرة - قال وتقدم بسطام وجعل يلتفت هل
يرى عتيبة وقد صار في أفواه الغبط - وهي مسايل المياه - فلحق عتيبة بسطاما، فقال له: استأسر
يا أبا الصهباء. فقال له: ومن أنت؟ قال: أنا عتيبة، وأنا خير لك من الفلاة والعطش، وكان الأحيمر
محدوداً لا يكون له ظفر، وكان فارساً ذا بأس ونجدة ولاحظ له في ظفر. قال: فأسر عتيبة بسطاما.
قال: ونادى القوم بجادا أخا بسطام بن قيس، كر على أخيك، وهم يرجون إذا أبسوه أن يكر فيأسروه.
قال: والأبس أن يعيروه حتى يغضب فيأنف من التعيير فيرجع فيأسر. فنادى بسطام أخاه إن كررت
يا بجاد فأنا حنيف، وكان نصرانيا، قال فلحق بجاد بقومه. فقالت بنو ثعلبة: يا أبا حرزة إن أبا
مرحب قد قُتل وقد أسرت بسطاما، وهو قاتل مليل وبجير ابني أبي مليل، ومالك بن حطان يوم قشاوة
فاقتله، قال: إني معيل وأنا أحب اللبن. قالوا: إنك لتفاديه وتخلي عنه، فيعود فيحر بنا فأبى. فقال
بسطام: يا عتيبة، إن بني عبيد أكثر من بني جعفر وأعز، وقد قُتل أبو مرحب، ولي في بني عبيد
أثر بئيس - أي ذو بؤس - وهم آخذي منك، ولن تقدر بنو جعفر على أن يمنعوني منهم، وأنا
معطيك من المال عائرة عينين - يعني كثيرا تذهب العين فيه وتجيء - فقال: لا جرم والله لأضعنك
في أعز بيتين من مضر، في بني جعفر بن كلاب أو في بني عمرو بن جندب، ثم من بني عمرو بن
تميم من بلعنبر، فاختار بسطام