إنَّا لنربعُ بالخَميسِ تَرى لَهُ ... رهجاً ونضربُ قَونسَ الجبَّار
إذْ لا تغارُ عَلى البنات مُجاشعٌ ... يومَ الحُفاظ وَلا يَفون بجار
أنَّى لقَوْمكَ مثلُ عدوَة خَيلنا ... بالشِّعْبِ يَومَ مُجزَّل الأُمْرار
الشعب اسم جبل. وقوله مجزل الأمرار، قال: كانت بكر بن وائل نزولا بالأمرار، وما يليه، فسار
إليهم الحارث بن يزيد، وكانت فيهم جارية من بني شيبان عاشقا، فاكتلأت تنظر فرأت رجلا معتجرا
بشقة برد متنكبا قوسه، فلاحت لها صفحة القوس، فأنبهت أباها، فقالت: يا أبة إني رأيت متن سيف،
أو صفحة قوس على موضع السلاح في الشمال، من رجل أجلى الجبين، براق الثنايا، كأن عمامته
ملوثة بشجرة. قال: يا بنية إني لابغض الفتاة الكلوء العين. قالت: والله ما كذبتك فصاح في قومه،
فأنذرهم. فقالوا: ما نبه ابنتك في هذه الساعة إلا أنها عاشق، فاستحيا الشيخ، فانصرف. وقالت له
ابنته: ارتحل فإن الجيش مُصبحك. ففعل. فأصبحوا، فوقعت بنو سعد ببكر بن وائل فقتلوا وملأوا
أيديهم من السبي، فقال الأقرع بن نعيم بن الحارث بن يزيد:
أبي غداةَ حُفْرَةِ المجزلِ ... سارَ بجرَّارٍ كثيرِ القسطل
تَقدَعُ أُولاها بهابٍ وَهلِ
قَوْمي الَّذين يزيدُ سَمْعي ذكرُهُمْ ... سمعاً وكانَ بضَوْئهمْ إبْصاري
والمُوردون عَلى الأُسِنَّة قُرَّحاً ... حُمْراً مساحلُهُنَّ غيرَ مهار
قوله مساحلهن يعني مسحل اللجام. يريد تحمر من الدم، كما قال:
مَججْنَ دماً من طولِ علْكِ الشَّكائمِ