فلم يكن مع بني يربوع من بني مالك، غير غالب، فلما نزلوا، وردت إبل غالب
فحبس منها ناقة كوماء، فنحرها وأطعمها. قال، فقال أناس: ليس فينا من بني مالك، غير رجل واحد،
وقد نحر ولم ننحر. فقالوا لسحيم بن وثيل الرياحي: انحر. فلما وردت إبل سحيم، حبس منها ناقة،
فنحرها من الغد فأطعمها. قال جهم: فقيل لغالب إنما نحر سحيم مواءمة، فضحك غالب، وقال: كلا،
لكنه امرؤ كريم وسوف أنظر. فلما وردت إبل غالب، حبس منها ناقتين، فنحرهما فأطعمهما. فلما
وردت إبل سحيم، نحر ناقتين فاطعمهما. فقال غالب: الآن علمت أنه يوائمني. قال إياس، فلما وردت
إبل غالب، حبس منها عشرا فعقلها، ثم أخذ الحربة فجعل ينحرها، فانفلتت ناقة منها، فانشامت في
بني يربوع، فركب غالب فرسه، فأدركها عند بيت الخرماء، وهي أسماء بنت عوف بن القعقاع،
وكانت امرأة الهذلق بن ربيعة بن عتيبة فعقرها، ثم لتب في سبلتها - أي وجأ، والسبلة موضع
المنحر وذلك المكان لا يخلو من شعرات هناك - فقالت الخرماء: مالك قطع الله يدك. فقال دونك
فاجتزريها، فإني لا اشتم ابنة العم، ولكن أجزرها. فسألت من هذا؟ فقالوا: هذا غالب بن صعصعة.
فقالت واسوأتاه. ورجع غالب فنصب قدوره، وغاظ ذلك بني يربوع، فأتوا سيدهم الهذلق فتجمعوا
اليه، فقالوا: ما ترى، قد فضحنا هذا، وصنع ما ترى، فما الرأي؟ قال الهذلق: أرى أن تأتوه فتأكلوا
من طعامه، وتنحروا كما نحر، وتصنعوا مثل صنعه. قالوا: لا، بل إذا فرغ من قدوره، غدونا،
فكفأناها، بما فيها، ففضحناه، فإن بني مالك حلماء رجح فنصغى إناءه، ونأتيهم، فنقر لهم بحقهم،
فيغفرون لنا، وذلك بمسمع من الخرماء أسماء بنت عوف، فتقنعت بملحفتها، وخرجت من كسر بيتها،