بلى، قد أرويتم فحسبكم، فلما حان وردها - قال أعين بن لبطة - فلبس حلته وأخذ سيفه وانطلق معه الفرزدق.
قال: وصوأر واد ذاهب في الأرض. قال الفرزدق: فعلوناه وجاءت الأبل، فأمهل حتى إذا أدبرت،
فلم يبق منها شيء. انتضى سيفه فأهوى لعرقوبي آخرها، فنفرن لما رأين الدم، ووجدن ريحه،
فذعرن فأقبلن، حتى أطفن بالحياض نوافر عطاشا، وأقبل في أثرها، فلما لحقها، جعل يقول: عقرا
عقرا، ويقول للفرزدق: ردها يا هميم، فجعل الفرزدق يقول: إيه عقرا. إيه عقرا. قال أبو عبيدة، قال
إياس: فجعل يحول بينها وبين الحياض، فكلما ورد بعير عقره. قال جهم: حتى اضطرها إلى بيت أم
سحيم ليلى بنت شداد، فعقر عن يمينه وشماله، ومن ورائه، حتى قطعت أطنابه، فوقع عليها،
فخرجت عليه فسبته ودعت عليه، وقالت: يا غالب إن عقرك لن يذهب لؤمك، أو قالت: إن هذه
ليست مذهبة بلؤمك. فقال: إني لا أشتم ابنة العم، ولكن كلوا من هذا شحما ولحما. قال فجعل يعقرها
ويرتجز:
خذلني قومي وحان وِردي ... أسوقُها بذي حسامٍ فردِ
هل أنتَ يا سحيمُ غيرُ عبدِ ... أسودُ كالفلذِ من المغدِ
وقال أيضاً:
آل رياحٍ إنه الفَضَاحُ ... وإنها المخاضُ واللقاحُ
قد شاع في أسؤقها الجراحُ ... فلا تضجِّي واصبري رياحُ
قال أعين: وفيها غلام لغالب، يقال له سحيم، أبصر الناس بالإبل وأرعاهم، فجعل يقول يا أبا الصمة
ويأبى غالب. قال سحيم: فلم أزل