أطمع أن يكف حتى مر بفحل منها، ثمنه أربعة آلاف درهم، فعقره.
فلما عقره علمت أنه لن يستبقي شيئاً، فذهب سحيم غلامه يكفه عنه، فأهوى إليه السيف فأصاب
ركبته فقطع إحدى رجليه، فاستعدى عليه عثمان بن عفان، رضي الله عنه، فاعتقه، فلما قتل عثمان،
رضي الله عنه، استرقه غالب. قال أعين: فعقر أربعمائة بعير، وزعم إياس أنها كانت مائة وأربعين
ناقة، فلما عقر مائة منها، ورأت البارقة ووجدت ريح الدم طار منها أربعون فندت، فنادى غالب: أنا
غالب بن صعصعة، من أخذ بعيرا فهو له. وأحرج على رجل يجمع بين بعيرين، فإني لا أحل له.
فطلبه عثمان، رضي الله عنه، ليعاقبه، فركب إلى أبيه صعصعة، فرحب به، وقال: حاجتك؟ قال:
جئت لتخلف عليَّ ما عقرت، فقد رحضت عنك الذم والعار فاخلف لي، قال: نعم وكرامة أخلف ما
عقرت، وأشترط عليك أن لا تعقر بعيراً ولا بهيمة، ولا تذبها ولا تمثل بها، قال غالب لا أعطيك هذا
الشرط أبدا. قال: فلا إلا على هذا الشرط. فلحق بالبصرة، فأتى منزل الحتات بن يزيد فالتزمه وقبله،
وقال: أقم تخرج أعطيه الحي، وفيهم ثمانون على الفين، فنقاسمك من أعطيتهم، ففعل فأخذ أربعين
الفا، فارتحل بحمل ورق، فأتى الموسم براحلة دراهم، فلما قضى نسكه، زار البيت في أول الناس، ثم
ركب بين خرجيه بعيرا نجيبا لا يجارى. ثم نادى بالبطحاء: يا أيها الناس، أنا غالب بن صعصعة،
فمن أخذ شيئا فهو له، ثم فتح الخرجين، ثم حثى أمامه، وعن يمينه، وعن شماله، ووراءه، حتى إذا
فرغ الخرجين من الورق، أحال السوط في بطن البعير، ثم نجا، فقيل لعثمان: عتبت على غالب في
العقر، وأخفته وطلبته لتعاقبه، فها هو ذاك قد أنهب ماله فبعث في طلبه فهرب فأعجزهم.