للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

مقام بأرض غطفان. قال: فخرجت متوجهة إلى اليمامة، يطلبون

أخوالهم - قال: وكانت عبلة بنت الدول، ويقال بنت الديل جميعاً ابن حنيفة أم رواحة - فأتوا قتادة

بن مسلمة فنزلوا اليمامة زمينا، ثم مرَّ ذات يوم قيس مع قتادة فرأى قحفاً فضربه برجله، وقال: كم

من ضيم قد أقررت به مخافة هذا المصرع، ثم لم تئل - أي لم تنج، يقال من ذلك قدوأل الرجل،

وذلك إذا نجا من مرض، وما كان من شيء إذا نجا - قال: فلما سمعها منه قتادة، كرهها وأوجس

منه. قال: ارتحلوا عنا، فارتحلوا حتى نزلوا هجر ببني سعد بن زيد مناة، فمكثوا فيهم زمينا. قال: ثم

إن بني سعد أتوا الجون وهو ملك هجر وملكهم، فقالوا: هل لك في مهرة شوهاء - يعني حسنة ترفع

إليها العين - وناقة حمراء، وفتاة عذراء، قال: نعم. قالوا بنو عبس، فإنهم غارون، نغير مع جندك

عليهم، وتسهم لنا من غنائمهم. قال: فأجابهم إلى ذلك. وفي بني عبس امرأة ناكح فيهم من بني سعد،

قال: فأتاها أهلها ليضموها، وأخبروها الخبر، فأخبرت به زوجها فأتى زوجها قيسا فأخبره، فأجمعوا

على أن يرحلوا الظعائن، وما قوي من الأموال من أول الليل، وتترك النار في الرثة من منزلهم -

الرثة الموضع الذي ارثوا فيه النار، يريد الموضع الذي كانوا فيه نزولا - فلا يستنكر القوم ظعن

بني عبس عن منزلهم.

قال: وتقدم الفرسان إلى الفروق، فوقفوا دون الظعن وبين الفروق، وبين سوق هجر نصف يوم، فإن

تبعوهم شغلوهم وقتلوهم، حتى تعجزهم الظعن، ففعلوا ذلك. قال: وأغارت عليهم جنود الملك، ومن

تابعهم من بني سعد، وذلك عند وجه الصبح. قال: وكذلك كانوا يغيرون في الجاهلية، قال: فوجدوا

الطعن قد أسرين ليلتهن، ووجدوا المنزل خلا. قال: فتبعوا القوم حتى انتهوا إلى الفروق، فإذا الخيل

والفرسان فقاتلوهم، وقد استراحت الظعن حتى خلوا سربهم، فمضوا

<<  <  ج: ص:  >  >>