منزل حاجب الذي حل فيه، دعا حاجب بنطع، ثم أمر فصب عليه التمر، ثم نادي حاجب حيّ على
الغداء. قال فنظر ابن الطويلة فإذا هو بحاجب، فقال لأهل المجلس أجيبوه فانه سيد قومه، فأتوه
فأكلوا، واهدى اليه ابن الطويلة جزوراً وشياها، فنحر وأكل وأطعم. قال فلما أراد حاجب أن يرتحل،
قال له ابن الطويلة إني معك حتى تبلغ مأمنك، فإني لا أدري ما يعرض لك أمامك. قال حاجب ليس
أمامي أحد أخافه علي. قال وارتحل حاجب. فزعم ناس من غير بني تميم أنه أتى إياس بن قبيصة
الطائي، عامل كسرى على الحيرة والعرب الذين يلونهم. قال فكتب له إلى كسرى. قال وزعمت بنو
تميم أنه أتى كسرى. وزعم أبو عبيدة أنه أتى القائد الذي كان على الأساورة، الذين يكونون على حد
العجم. قال فلما شكى إليه الجهد في أنفسهم وأموالهم، وطلب أن يأذن له فيكونوا في حد بلاده حتى
يعيشوا ويحيوا. فقال له إنكم معشر العرب غدر حرصاء على الفساد، فإن أذنت لهم أفسدوا البلاد
وأغاروا على الرعية وآذوهم. قال له حاجب فإني ضامن للملك أن لا يفعلوا. قال ومن لي بأن تفي
بما تقول. قال أرهنك قوسي بالوفاء لك بما ضمنت لك. قال فلما جاء بقوسه حاجب، ضحك القوم
الذين كانوا حول الملك لما رأوا قوسه، وقالوا بهذه العصا تفي للملك بما ضمنت له؟ قال فقال الملك
لمن حوله ما كان ليسلمها لشيء أبدا. قال وأمرهم فقبضوها، وأذن لهم في أن يدخلوا الريف. قال
فأتت مضر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا هلك قومك وأكلتهم الضبع، فادع الله لنا ان يرفع
عنا القحط وان يسقينا فانا نسلم. قال فدعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحيوا. قال وقد مات
حاجب، وخرج أصحابه إلى بلادهم. قال فارتحل عطارد بن حاجب إلى كسرى ليطلب قوس أبيه.
قال ولما دخل على كسرى وكلمه في القوس. قال له كسرى ما أنت بالذي وضعتها عندي قال أجل أيها