فَمنْ مُبلغٌ عنِّي تَميماً رِسالةً ... علانيةً والنَّفسُ نُصحٌ ضَميرُها
عطفتُ عليكُمْ وُدّ قيسٍ فَلَمْ يكُنْ ... لهُمْ بدلاً أقيانُ ليلَى وكيرُها
قال اليربوعي: قال إبراهيم بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، قدم الفرزدق المدينة في إمرة أبان بن
عثمان بن عفان، رضي الله عنه، قال فإني والفرزدق وكثير عزة، لجلوس في المسجد تتناشد
الأشعار، إذ طلع علينا غلام شخت - أي دقيق - آدم في ثوبين ممصرين. يعني مصبوغين بحمرة
غير شديدة. ثم قصد نحونا حتى انتهى إلينا فلم يسلم. وقال أيكم الفرزدق؟ قال إبراهيم بن محمد،
فقلت له مخافة أن يكون من قريش، أهكذا تقول لسيد العرب وشاعرها؟ قال لو كان كذلك لم أقل له
هذا. فقال له الفرزدق من أنت يا غلام لا أم لك؟ قال رجل من الأنصار، ثم من بنى النجار، ثم أنا
ابن أبي بكر بن حزم، بلغني أنك تقول إنك أشعر العرب، قال وتزعمه مضر، وقد قال حسان بن
ثابت شعرا، فأردت أن أعرضه عليك، وأؤجلك فيه سنة، فإن قلت مثله فأنت أشعر العرب، وإلا
فأنت كذاب منتحل. ثم أنشد:
لنا الجفنات الغرُّ يلمعن بالضحى ... وأسيافُنا يقطرن من نجدة دما
متى ما تزنَّا من معد بعصبة ... وغسانَ نمنع حوضنا أن يهدما
أبى فعلنا المعروف أن ننطلق الخنا ... وقائلنا بالعرف إلا تكلما
ولدنا بني العنقاء وابني محرق ... فأكرم بنا خالا وأكرم بنا ابنما
قال فأنشده القصيدة إلى آخرها، وقال إني قد أجلتك فيه سنة. ثم انصرف. وقام الفرزدق مغضبا،
يسحب رداءه ما يدري أين طرفه،