للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

لحرقصة: لعليّ لو رجعت إلى أهلي فاحتملتهم، فقد ولدتْ صاحبتُهم، فقال حرقصة:

لا أبالي أن تفعل. فكرّ عميرة على ناقة له يقال لها الجنيبة؛ فلقي المرأة قد احتُملت هي وصواحبها

فوافقته، فقالت: قد خبأت حيث كان فراشي زادك وسقاءك، فمضى حتى استثارهما ثم نفذ: فلم يفقده

الناس حتى تحالوا مغرب الشمس، ففقده حرقصة، فأتى أخته مرية امرأة عميرة، فقال لها: أين هو؟

قالت: لاقانا ضحى فوافقنا ثم مضى إلى دارنا فلم نره بعد، فاستحيا حرقصة أن يذكر أمره لأحد حتى

جن عليه الليل، وتحدث به الرجال من قبل النساء. فأقبلوا إلى حرقصة، فقالوا: ويلك ما صنع

الرجل؟ قال: ما أظنه إلا ذهب. قالوا: إن تكن في شك فإنا مستيقنون. فسار عميرة يومه وليلته والغد

حتى إذا لقي أنف الزور من الصحراء وغربت الشمس وأناخ، فحل راحلته وقيدّها وعصب يديها، ثم

نام، حتى إذا علاه الليل قام فلم ير الناقة، قال: فسعيت يميناً وشمالاً، فإذا أنا بسواد من الليل عظيم،

فحسبته الجيش فبت أرصده، أخاف أن يأخذوني حتى أضاء الصبح، فإذا خمسون ومائة نعامة، وإذا

ناقتي تخطر قائمة قريبة مني، وأنا غضبان على نفسي، فأجددت السير يومي ذاك حتى أرد سفار،

فأجد في منازل القوم نسعة فسقيت راحلتي - وسفار ماء لبني تميم - وطعمت من تمر كان معي،

وشربت ثم ركبت مسي الثالثة، فأصبحت بالحطّامة من ذي كريب، فإذا أنا بناس يعلقون السدر -

يعني يرعونه - فتحرّفت عنهم مخافة أن يأخذوني، فناداني بعضهم: إنما نحن صُدّار البيت فلا تخف

- والصدار الراجعون، أراد أنهم كانوا حجاجاً - فنفذت حتى أُصبّح طلح وبها جماعة بني يربوع،

فقلت قد غزاكم الجيش من بكر بن وائل برئيسين وكراع وعدد، فبعث بنو رياح بن يربوع فارسين

طليعة، أحدهما غلام للمشبّر أخي بني هرمي بن رياح،

<<  <  ج: ص:  >  >>