للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

قال اليربوعي، حدثني عقال بن شبة بن عقال بن صعصعة، أنه كان من حديث صعصعة وإحيائه

الوئيد، قال: خرجت باغياً لناقتين عُشراوين فارقين، فرفعت لي نار، فسرت نحوها، وهممت

بالنزول، قال: فجعلت النار تُضيء مرة وتخبو أخرى، فلم تزل تفعل ذلك حتى قلت: اللهم إن لك

علي إنْ بلّغتني هذه النار الليلة، ألا أجد أهلها يوقدونها لكربة يقدر أن يُفرجها أحد من الناس، إلا

فرّجتها عنهم. فلم أسر إلا قليلاً، حتى انتهيت، فإذا صرم من بني أنمار بن هُجيم بن عمرو بن تميم،

وإذا شيخ حادر أشعر يوقدها في مقدّم بيته، والنساء قد اجتمعن إلى امرأة ماخض، قد جبستهم ثلاث

ليال، فسلمت، فقال لي الشيخ: مَن أنتَ؟ قلت أنا صعصعة بن ناجية. قال: مرحبا بابن سيدنا، ففيم

أنتَ يا ابن أخي؟ قلت: في بغاء ناقتين لي فارقين عمي علي أثرهما. قال: وقد وجدتهما، وقد أحيى

الله بهما أهل بيت من قومك، وقد نتجناهما، وعطفنا إحداهما على الأخرى، وهما تانّك في أدنى

الإبل. قال: قلت لمَ توقد نارك منذ الليلة؟ قال: أوقدها لامرأة ماخض قد جبستنا منذ ثلاث ليال. قال:

وتكلم النساء فقلن: قد جاء، قد جاء، يعنين الولد. قال الشيخ: إن كان غلاماً فوالله ما أدرى ما أصنع

به، وإن كانت جارية فلا أسمعنّ صوتها أقتلنها. قلت يا فل ذرها، فإنها ابنتك، ورزقها على الله،

وقلت: أنشدك الله، قال: إني أراك بهات حفيّا فاشترها مني. قلت: فإني أشتريها منك. قال: ما

تعطيني. قلت أعطيك إحدى ناقتيّ. قال لا قلت: أزيدك الأخرى،

فنظر إلى جملي الذي كان تحتي، فقال: لا، إلا أن تزيدني جملك هذا، فإني أراه حسن اللون، شاب

السن. قلت: هو لك والناقتان على أن تُبلغني عليه أهلي. قال: قد فعلت، فابتعتها منه بلقوحين وجمل،

وأخذت عليه عهد الله وميثاقه، ليُحسنن برها وصلتها ما عاشت، حتى تبين عنه أو يدركها الموت

قال: فلما برزت من عنده، حدّثت نفسي فقلت: إن هذه لمكرمة ما سبقني إليها أحد من العرب، وقلت: اللهم إن

<<  <  ج: ص:  >  >>