قال أبو عثمان: أنبأنا الأصمعي وأبو عبيدة قالا: قدم الأخطل، واسمه غياث بن غوث، على بشر بن
مروان بالكوفة، فوجد عنده محمد ابن عمير بن عطارد بن حاجب بن زرارة. فقال محمد للأخطل: إن
الأمير سيسألك عن الفرزدق وجرير، فأعد لذلك جواباً وانظر ما ماذا أنت قائل، فقد عرفت قرابتنا
والرحم بيننا. فقال: كفيتك. وأم عبد الله ومجاشع ابني دارم الحلال، بنت ظالم بن ذبيان ابن الأشرس
بن كنانة بن زيد بن عمرو بن غنم بن تغلب. قال: فلما دخل عليه الأخطل، سأله عن الفرزدق
وجرير. فقال له الأخطل: أصلح الله الأمير، أما الفرزدق فأشعر العرب. فقال الفرزدق يذكر تفضيل
الأخطل إياه على الشعراء، يمدح بني تغلب ويهجو جريراً:
يا ابنَ المراغَةِ والهِجاء إذا التَقَتْ ... أعناقُهُ وتماحَكَ الخَصمان
خبر الهجاء إذا التقت، أي الهجاء في هذه الوقت، يريد إذا التقت أعناقه، يريد إذا تناشده القوم، ورد
بعضهم على بعض. وقوله تماحك الخصمان، قال: التماحك اللجاجة. يقال تماحك القوم، وتخاصموا،
واختلفوا، وتنازعوا، كله بمعنى واحد، وذلك إذا تماروا في إنشاد الشعر، فقال بعضهم: هذا أشعر.
وقال آخرون: هذا أشعر. فتلك المماحكة فيه.
ما ضرّ تَغْلِبَ وائِلٍ أهجوتَها ... أم بُلْتَ حيثُ تَناطَحَ البَحرانِ
في رواية أبي عمرو، وابن الأعرابيّ، والحرمازي، ما ضرّ تغلب وائل في آخر القصيدة. قال:
والمعنى في ذلك، يقول الهجاء إذا التقت أعناقه، لا يضر تغلب وائل ما قلت، فيها لما قد سبق في
العرب من فضلها.
يابنَ المَراغَةِ إنّ تَغلِبَ وائل ... رفعوا عِناني فوقَ كل عِنانِ
كانَ الهُذيلُ يقودُ كلّ طِمِرَّةً ... دَهماء مُقرَبَة وكل حِصانِ
قال أبو عبد الله: كلام العرب في هذا، فرس مقرب، وخيل مقربة،