الطلحات في الخبراء، فلم تجئ
عصبة إلا أُخذوا، وقُتل يومئذ عصمة ابن النحّار بن ضباب بن أزنم بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع،
فقال بسطام حين رآه قتيلاً، ويحكم من قتل ابن النحار؟ وما قُتل هذا إلا لتثكل رجلاً أمه، فكان قاتله
الهيش بن المقعاس، من بني الحارث بن همام، فقتلته بنو يربوع بابن النحار يوم العُظالى. وأصابوا
نعمان بن قيل. وأيهم اليربوعيين، أصابتهما بنو شيبان، فلما أخذ بنو شيبان اليربوعيين وأسروهم،
نظر بنو شيبان فإذا هم لا ماء معهم يبلّغهم، فقالوا: يا بني يربوع، إنكم تموتون قبلنا، وإنّا شاربون ما
معنا من الماء، ومانعوه منكم، وليس مُبلغنا، فاختاروا إن شئتم أن تجيرونا بغير طلاقة ولا نعمة، حتى
نتوّفى كل سقاء، ونسقى كل دابة من طلح، وإما أن نرجع بكم، فهو هلاكنا وهلاككم. فأجارهم بنو
يربوع على غير طلاقة ولا نعمة، فخلّوا عن اليربوعيين واستقى بنو شيبان، فذلك قول عميرة بن
طارق:
حلفتُ فلم تَأثَمْ يميني لأثأرَنْ ... عَدِيّاً ونعمانَ بنَ قَيلٍ وأيهَمَا
وغِلمتَنَا السَّاعِينَ يومَ مُلَيحةٍ ... وحَومَلَ في الرَّمضَاء يوماً مُجَرَّما
أشَيبانُ لو كانَ القِتالُ صَبَرتُمُ ... ولكنَّ سَفعاً مِنْ حريقٍ تَضَرَّمَا
يقول: لو كنتم تُناصِفون القتال لصبرتم، ولكن لقيتم النار لا يد لكم بها، كما قال أوس بن حجر:
فما جَبنُوا أنَّا نَسُدُّ عليهم ... ولكن لَقُوا ناراً تَحُسُّ وتَسفَعُ
تحس تحرق، وقوله نسد عليهم من السداد، أي لسنا نناصفهم