للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:

نجز الكتاب والحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على خير خلقه محمد النبي وأهله الطاهرين وأصحابه المنتخبين الطيبين.

وفرغ منه الفقير إلى رحمة ربه عبد الله بن سليمان الرحماتاشي الفراش بالمدرسة الشريفة المستنصرية عمرها الله تعالى في يوم الإثنين سادس جمادي الأولى سنة ثلاث وأربعين وستمائة، رحم الله من نظر فيه ودعا لكاتبه بالعفو والعافية والغفران ولوالده النجاة من النار ولجميع المسلمين آمين يا رب العالمين.


= بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفيته كان مشروعًا، وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك بل يزيد الشر، والهاجر ضعيف بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته لم يشرع الهجر، بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف. ولهذا كان النبي يتألف قومًا ويهجر آخرين، كما أن الثلاثة الذين خلفوا أكانوا خيرًا من أكثر المؤلفة قلوبهم، لما كان أولئك كانوا سادة مطاعين في عشائرهم، فكانت المصلحة الدينية في تأليف قلوبهم، وهؤلاء كانوا مؤمنين، والمؤمنون سواهم كثير، فكان في هجرهم عز الدين وتطهيرهم من ذنوبهم، وهذا كما أن المشروع في العدو القتال تارة والمهادنة تارة وأخذ الجزية تارة، كل ذلك بحسب الأحوال والمصالح.
وجواب الأئمة كأحمد وغيره في هذا الباب مبني على هذا الأصل، ولهذا كان يفرق بين الأماكن التي كثرت فيها البدع، كما كثر القدرية في البصرة والتنجيم بخراسان والتشيع بالكوفة، وبين ما ليس كذلك ويفرق بين الأئمة المطاعين وغيرهم، وإذا عرف مقصود الشريعة سلك في حصوله أوصل الطرق إليه. مجموع الفتاوى (٢٨/ ٢٠٦).
وبهذا النقل المطول المفيد عن شيخ الإسلام في هذه المسألة ينتهي التعليق على الكتاب وبه ينتهي كتاب الروايتين والوجهين للقاضي أبي يعلى الفراء رحمة واسعة وتقبل منا ومنه صالح العمل وتجاوز عن السيئات إنه عفو غفور وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا.

<<  <