للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووجه هذا القائل: أن هذا الكلام كلام الله تعالى بقوله: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ [البقرة آية (٣١)] وإذا كانت كلامًا له لم تكن مخلوقة مثل كلامه الذي هو القرآن، وهذا غلط لأن كلام الله تعالى ما كان وحيًا أو من وراء حجاب كما أخبر تعالى (١)، وليس بمعنى أن الله تعالى تكلم بذلك، وقوله: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ ليس يعني أنه تكلم بها، ويجوز أن يكون ألهمه تعليمها من غير قول (٢).

[مسألة: اختلف أصحابنا في الإيمان الذي هو القول والعمل والنية هل هو مخلوق أم لا؟]

على ثلاثة مذاهب: فكان شيخنا أبو عبد الله يقول هذا غير مخلوق في الجملة (٣)، وهو ظاهر كلام الخلال وصاحبه أبو بكر عبد العزيز (٤)، وهو ظاهر كلام أحمد في رواية المروذي، وقيل له: ها هنا رجل قد تكلم في


(١) يقصد قوله تعالى ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ [الشورى آية (٥١)].
(٢) مسألة حروف المعجم من جنس المسألة السابقة وهي مسألة اللفظ: فمن نظر إلى حقيقة الحروف وأن الله تكلم بها وأن كلامه غير مخلوق قال إن الحروف واحدة، وقد تكلم الله بها فلا تكون مخلوقة، ومن نظر إلى أن الحروف تبع لمن تكلم بها فإنهم يقولون الحرف حرفان، ويفرقون بين الحروف التي تكلم الله بها والحروف التي يتكلم بها الخلق، فعليه يقولون إن حروف المعجم التي ينطق بها الناس مخلوقة، والصواب من ذلك التفريق فأصل الحروف التي تكلم الله بها وهي من جنس حروفنا وهي الحروف التي نزل بها القرآن والمقصود بها كلامه ليس مخلوقًا، والحروف التي يتكلم بها الناس وليست كلمات القرآن فهي مخلوقة لأن أفعالهم وأقوالهم وحركاتهم كلها مخلوقة. انظر مجموع الفتاوي (١٢/ ٤٢١ - ٤٦٣)، مختصر الصواعق (٢/ ٣٠٤).
(٣) وهذا وفق قوله السابق في اللفظ بالقرآن بأنه غير مخلوق. انظر ص ٧٨.
(٤) عبد العزيز بن جعفر بن أحمد بن يزداد بن معروف أبو بكر المعروف بغلام الخلال، الفقيه الحنبلي أحد مشاهير الحنابلة، توفي سنة ٣٦٣ هـ. تاريخ بغداد (١٠/ ٤٥٩)، طبقات الحنابلة (٢/ ١١٩).

<<  <   >  >>