للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مسألة: في حروف المعجم التي يدور عليها كلام الآدميين هل هي مخلوقة أم لا؟]

قال شيخنا أبو عبد الله: المذهب أنها مخلوقة وقد قال أحمد: الآدمي وكلامه مخلوق (١)، وهذا كلام الآدمي فيجب أن تكون مخلوقة (٢)، قال الشيخ أبو عبد الله: ورأيت طائفة تزعم أنها على المذهب قالوا: هي غير مخلوقة (٣) وركبوا في الأسماء المحدثات مثل ذلك، قال: وأصل ذلك ما نقله أبو طالب عن أحمد وقد حكى له سري السقطي (٤): لما خلق الله الحروف سجدت له إلا الألف فقال لا أسجد حتى أؤمر (٥)، فقال: هذا كفر فقد أنكر القول على الحروف.


(١) لعله يقصد ما روى اللالكائي في السنة (٢/ ٢٦٣) بسنده عن أحمد بن الحسن الترمذي قال، قلت لأحمد بن حنبل: إن الناس قد وقعوا في أمر القرآن فكيف أقول؟ قال: أليس أنت مخلوق؟ قلت: نعم، قال أوليس القرآن من كلام الله؟ قلت: نعم، قال: وكلام الله؟ قلت: نعم، قال: فيكون من الله شيء مخلوق؟.
(٢) عزا شيخ الإسلام هذا القول إلى القاضي أبي يعلى في أحد قوليه، وإلى أبي نصر السجزي وابن عقيل وشيخ القاضي أبي عبد الله بن حامد. مجموع الفتاوى (١٢/ ٨٣، ٤٤١).
(٣) عزا هذا القول شيخ الإسلام إلى طوائف كثيرة من أهل الشام والعراق وخراسان: كالقاضي يعقوب البرزيني والشريف أبي الفضائل الزيدي الحراني، ويروي ذلك عن الشيخ أبي الحسين سمعون، وهو قول القاضي أبي الحسين بن أبي يعلى، وحكاه عن أبيه في آخر قوليه وغيرهم، قالوا: الحرف واحد وحروف المعجم غير مخلوقة حيث تصرفت لأنها من كلام الله وحقيقة الحرف واحدة لا تختلف. مجموع الفتاوى (١٢/ ٨٢، ٤٤١).
(٤) السري بن المغلس أبو الحسن السقطي قال الخطيب: كان من المشايخ المذكورين وأحد العباد المجتهدين توفي سنة ٢٥٣ هـ. تاريخ بغداد (٩/ ١٩٢).
(٥) قال شيخ الإسلام عن هذا الأثر: "والسري إنما ذكر ذلك عن بكر بن خنيس العابد، فكان مقصودهما بذلك أن الذي لا يعبد الله إلا بأمره هو أكمل ممن يعبده برأيه من غير أمر من الله، واستشهدوا على ذلك بما بلغهما "أنه لما خلق الله الحروف … " وهذا الأثر لا يقوم بمثله حجة". مجموع الفتاوى (١٢/ ٨٥).

<<  <   >  >>