للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= المسألة، فأقام الأدلة صريحة واضحة من القرآن والسنة على أن القراءة غير المقروء، والتلاوة غير المتلو، والكتابة غير المكتوب، فذكر أولًا الأدلة الدالة على أن القرآن كلام الله غير مخلوق، ثم الأدلة الدالة على أن أعمال العباد مخلوقة، ثم الأدلة الدالة على أن أصوات القراء منسوبة إليهم ومنها حديث أبي هريرة مرفوعًا: "ما أذن الله بشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به" ص ٣٢، وحديث أبي موسى قال، قال النبي : "إني لأعرف رفقة الأشعريين حين يدخلون بالليل وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل" ص ٣٤ وغيرها كثير. وقال: "وهو -أي القرآن- مكتوب في المصاحف محفوظ في الصدور مقروء على اللسان، والقراءة والحفظ والكتابة مخلوق، وما قرئ وحفظ وكتب ليس بمخلوق" ص ٧٥.
وكان قال قبل ذلك عن قول الإمام أحمد: "فأما ما احتج به الفريقان -يعني من منع مطلقًا ومن قال أن اللفظ غير مخلوق- لمذهب أحمد ويدعيه كل لنفسه فليس بثابت كثير من أخبارهم، وربما لم يفهموا دقة مذهبه، بل المعروف عن أحمد وأهل العلم: أن كلام الله غير مخلوق، وما سواه مخلوق وأنهم كرهوا البحث والتنقيب عن الأشياء الغامضة وتجنبوا أهل الكلام والخوض والتنازع إلا فيما جاء فيه العلم وبينه رسول الله " ص ٣٠.
وممن قال بهذا القول ابن قتيبة في كتابه "الاختلاف" في اللفظ والرد على الجهمية ص (٢٤٥ - ٢٥٠)، كما بين هذه المسألة وفصل فيها شيخ الإسلام ابن تيمية . انظر: مجموع الفتاوى (١٢/ ١٧٠، ٢١٠ - ٢١١، ٣٠٦، ٣٧٣)، وكذلك تلميذه ابن القيم . انظر: مختصر الصواعق المرسلة (٢/ ٣٠٦ - ٣١٧)، وانظر في محنة البخاري تاريخ بغداد (٢/ ٣٠ - ٣٣). وقد يحدث التباس في قول الإمام البخاري بمناسبة قول الأشعرية الذين يقولون إن اللفظ بالقرآن مخلوق على اعتبار أن القرآن عندهم معنى واحد قائم بذات الباري تعالى، والحقيقة أنه لا يوجد لبس في ذلك، لأن البخاري وأهل السنة عمومًا يصرحون أن كلام الله بحرف وصوت وأن القرآن بحروفه وكلماته كلام الله ﷿ ليس للنبي ولا لجبريل إلا الرسالة والبلاغ وكلامه السابق صريح في هذا.

<<  <   >  >>