وكان قال قبل ذلك عن قول الإمام أحمد: "فأما ما احتج به الفريقان -يعني من منع مطلقًا ومن قال أن اللفظ غير مخلوق- لمذهب أحمد ويدعيه كل لنفسه فليس بثابت كثير من أخبارهم، وربما لم يفهموا دقة مذهبه، بل المعروف عن أحمد وأهل العلم: أن كلام الله غير مخلوق، وما سواه مخلوق وأنهم كرهوا البحث والتنقيب عن الأشياء الغامضة وتجنبوا أهل الكلام والخوض والتنازع إلا فيما جاء فيه العلم وبينه رسول الله ﷺ" ص ٣٠. وممن قال بهذا القول ابن قتيبة في كتابه "الاختلاف" في اللفظ والرد على الجهمية ص (٢٤٥ - ٢٥٠)، كما بين هذه المسألة وفصل فيها شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀. انظر: مجموع الفتاوى (١٢/ ١٧٠، ٢١٠ - ٢١١، ٣٠٦، ٣٧٣)، وكذلك تلميذه ابن القيم ﵀. انظر: مختصر الصواعق المرسلة (٢/ ٣٠٦ - ٣١٧)، وانظر في محنة البخاري ﵀ تاريخ بغداد (٢/ ٣٠ - ٣٣). وقد يحدث التباس في قول الإمام البخاري ﵀ بمناسبة قول الأشعرية الذين يقولون إن اللفظ بالقرآن مخلوق على اعتبار أن القرآن عندهم معنى واحد قائم بذات الباري تعالى، والحقيقة أنه لا يوجد لبس في ذلك، لأن البخاري ﵀ وأهل السنة عمومًا يصرحون أن كلام الله بحرف وصوت وأن القرآن بحروفه وكلماته كلام الله ﷿ ليس للنبي ﷺ ولا لجبريل ﵇ إلا الرسالة والبلاغ وكلامه السابق صريح في هذا.