للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثلاث روايات:

أحدها: أنه رآه. قال المروذي: "قلت لأبي عبد الله يقولون: إن عائشة قالت: من زعم أن محمدًا قد رأى ربه فقد أعظم الفرية (١)، فبأي شيء ندفع قول عائشة (٢) بقول النبي "رأيت ربي" (٣) قول النبي أكثر من قولها".

وذكر في موضع آخر أنه قال لأبي عبد الله: "ها هنا رجل يقول: إن الله يرى في الآخرة، ولا أقول إن محمدًا رأى ربه في الدنيا، فغضب وقال: هذا أهل أن يجفا، يسلم الخبر كما جاء"، فظاهر هذا أنه أثبت رؤيا عين (٤).

ونقل حنبل قلت لأبي عبد الله: "النبي رأى ربه رؤيا حلم، رآه بقلبه" فظاهر هذا نفي الرؤية.

وكذلك نقل الأثرم، وقد سأله عن حديث عبد الرحمن بن عائش (٥)


= عنه، وأخذ بهذا القول مجموعة من العلماء، ثم صار في المسألة قولان آخران أحدهما: التوقف لعدم وضوح الدليل، وبه قال سعيد بن جبير وسيذكره المصنف ص ٧١، والقرطبي في المفهم، وثانيهما: من جمع بين القولين بإثبات الرؤية القلبية ونفيها عن البصر، وقالوا: إن ابن عباس أثبت الرؤية مطلقًا وثبت عنه في رواية الرؤية القلبية فيحمل قوله عليها، وبهذا قال شيخ الإسلام وابن القيم وابن حجر وغيرهم. انظر: مجموع الفتاوى (٦/ ٥٠٩)، زاد المعاد (٣/ ٣٧)، البيان في أقسام القرآن ص (١٦٠ - ١٦٤)، فتح الباري (٨/ ٦٠٨).
(١) أخرجه م. كتاب الإيمان (ب. قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ (١/ ١٥٩)، حم (٦/ ٢٣٦، ٢٤١).
(٢) هكذا في المخطوط ويبدو فيها سقطًا وهو "قال".
(٣) سيأتي تخريجه.
(٤) على هذا القول القاضي في إبطال التأويلات (١/ ١١١)، وأخذ به أيضًا أبو بكر النجاد، إلا أن الإطلاق من الإمام أحمد لا يدل على أنه يقصد رؤيا العين، وإنما تابع الإمام أحمد الحديث الذي ورد فيه إطلاق الرؤية، وانظر كلام ابن القيم في التبيان في أقسام القرآن ص (٢٦٠).
(٥) عبد الرحمن بن عائش الحضرمي مختلف في صحبته، وقال أبو حاتم من قال في روايته سمعت النبي قد أخطأ. التقريب ص (٢٠٤).

<<  <   >  >>