للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى أبي عبد الله فأخبره أنها رقعة بن شداد (١) وأنه قال: ما كرهت منها فاضرب عليه، فضرب على موضع لفظي بالقرآن غير مخلوق، وكتب بخطه: "القرآن حيث تصرف فهو غير مخلوق" (٢).

وكذلك نقل حنبل: أن أبا عبد الله بلغه أن أبا طالب (٣) حكي عنه أنه يقول لفظي بالقرآن غير مخلوق فقال له: لولا أني أكره صرم المسلم ما كلمتك، حكيت عني أنى أقول لفظي بالقرآن غير مخلوق؟ فقال له: لم أحك عنك، فقال: لا تحكِ عني ولا عنك ما سمعت عالمًا قال هذا (٤).

قال شيخنا أبو عبد الله: لا بأس بإطلاق هذا القول، لأن أحمد قد قطع بتكفير الواقفة (٥) التي لا تقول في القرآن بأنه مخلوق ولا غير مخلوق، وإنما كره أحمد إطلاق هذا القول، لأن السلف من أهل عصره ومن قبله امتنعوا من ذلك.

قال أبو بكر المروذي: سمعت أبا الحسن علي بن مسلم الطوسي (٦) يقول:


(١) في المخطوط (شداد) وما أثبت من السنة للخلال.
(٢) السنة للخلال ورقه (١٩٨/ أ).
(٣) أحمد بن حميد أبو طالب المشكاني قال الخلال: صحب أحمد قديمًا إلى أن مات وكان أحمد يكرمه ويقدمه وكان رجلًا صالحًا فقيرًا صبورًا، توفي سنة ٢٤٤ هـ. طبقات الحنابلة (١/ ٣٩).
(٤) أخرجه الخلال في سنة (١٩٨/ أ - ب).
(٥) الواقفة: هم قوم وقفوا في القرآن فقالوا: لا نقول مخلوقًا ولا غير مخلوق، وذلك أنه لما ظهرت مقالة المعتزلة في خلق القرآن أظهر أهل السنة الرد عليهم، وأن القرآن كلام الله غير مخلوق، فتوقف بعض الناس وقالوا القرآن كلام الله لا نقول مخلوقًا ولا غير مخلوق، فذمهم العلماء والأئمة بل حكموا بكفرهم وسموهم الشكاك، وقد نقل اللالكائي ذلك عن أكثر الأئمة في ذلك العصر ومنهم الإمام أحمد، وصرحوا بأن هذا ليس موقف الورع، لأن الحق يجب إظهاره وعدم الوقوف سلبًا فإن هذا مما يقوى البدعة، وقد يكون الوقوف شكًا والشك كفر. انظر شرح السنة للالكائي (٣/ ٣٢٣ - ٣٢٩) الشريعة للآجري ص (٨٧ - ٨٨).
(٦) على بن مسلم بن سعيد الطوسي نزيل بغداد، صدوق، توفي سنة ٢٥٣ هـ. التقريب ص (٢٤٩).

<<  <   >  >>