للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبي بكر وإنما أراد بها الخلافة (١)، فظاهر هذا من كلامه أنها بالنص الخفي والإشارة (٢).

وحكى شيخنا أبو عبد الله في ذلك اختلافًا بين أصحابنا منهم من قال: بالنص (٣)، ومنهم من قال بالاختيار (٤).

فوجه من قال بالنص الخفي والإشارة ما احتج به أحمد من تقديمه له


(١) أخرج هذه الروايات عن الإمام أحمد الخلال في السنة (١/ ٣٠١).
(٢) ذكره القاضي أيضًا في مختصر المعتمد في أصول الدين ص (٢٢٦) وجعلها رواية عن الإمام أحمد، كما عزاها إلى الحسن البصري.
(٣) النص إما خفي أو جلي والنص الخفي ذكره القاضي رواية عن الإمام أحمد، وممن قال بأنها بالنص الجلي معاوية بن قرة وأبو عبد الله بن حامد وهو صريح قول ابن حزم وظاهر قول شارح الطحاوية، انظر الفصل في الملل والنحل (٤/ ١٠٧)، شرح الطحاوية ص (٥٢٢)، منهاج السنة النبوية (١/ ٤٨٨).
(٤) هذا قول أكثر العلماء أنها ثبتت بالاختيار من الصحابة له، وهو قول القاضي أبي يعلى وعزاه شيخ الإسلام إلى جمهور العلماء والفقهاء وأهل الحديث والمتكلمين كالمعتزلة والأشعرية وغيرهم، مجموع الفتاوى (٣٥/ ٤٧)، مختصر المعتمد ص (٢٢٣).
وشيخ الإسلام أفاد قولًا فيه الجمع في المسألة حيث قال:
والتحقيق أن النبي دل المسلمين على استخلاف أبي بكر وأرشدهم إليه بأمور متعددة من أقواله وأفعاله، وأخبر بخلافته إخبار راض بذلك حامد له، وعزم على أن يكتب بذلك عهدًا ثم علم أن المسلمين يجتمعون عليه فترك الكتاب اكتفاء بذلك …
ثم قال: فخلافة أبي بكر الصديق دلت النصوص الصحيحة على صحتها ورضا الله ورسوله له بها، وانعقدت بمبايعة المسلمين واختيارهم له اختيارًا استندوا فيه إلى ما علموه من تفضيل الله ورسوله بهذا الأمر عند الله ورسوله، فصارت ثابتة بالنص والإجماع جميعًا، لكن النص دل على رضا الله ورسوله بها وأنها حق وأن الله أمر بها وقدرها، وأن المؤمنين يختارونها، وكان هذا أبلغ من مجرد العهد بها. منهاج السنة النبوية (١٠/ ٥١٦ - ٥٢٤) فشيخ الإسلام يرى أنها ثابتة بالإشارة والإعلام من الله ورسوله ومنعقدة بالاختيار من الصحابة.

<<  <   >  >>