للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذاتَ الكفِّ والأصابع، فنشبِّهه بخلقه، فيفضي (١) إلى التجسيم، تبارك الله وتعالى عمَّا يقول الظالمون علوّاً كبيراً (٢)، أو نقولَ: المراد النعمتين أو القوتين؛ لأنَّه تعذر حمله على اليد التي نفهمها، فتعيَّن حمله (٣) على ذلك؛ خوفاً من التشبيه (٤)، وهذا تحريفٌ؛ لما فيه من التعطيل، كيف والإجماع على أنَّ الصفاتِ توقيفيةٌ، ولم يثبت [دليلٌ] (٥) بالمراد على ما تأوَّلوه (٦)،


(١) في (ظ) و (ن): (فيؤدي).
(٢) يريد المؤلف - رحمه الله - بكلامه هذا الرد على الممثلة الذين يقولون: إن الله تعالى خاطبنا بما نعقل، ولا نعقل من صفاته سوى ما هو مماثل لصفات خلقه، لا نفي حقيقة اليد والكف والأصابع؛ لإثباته صفات الله تعالى على التفصيل، كما سيأتي.
(٣) في (ظ) و (ن): (تأويله) بدل (حمله).
(٤) التشبيه: إقامة شيء مقام شيء لصفة جامعة بينهما ذاتية أو معنوية. والتشبيه المنفي عن الله هو ما كان وصفه بشيء من خصائص المخلوقين؛ بأن يجعل شيئاً من صفاته مشبهاً لصفات المخلوقين، أو العكس بأن يجعل صفة من صفات المخلوقين مشبهة لصفة من صفات الله تعالى، فالأول كقول أهل البدع: لله يد كأيدينا، والثّاني كقول النصارى في عيسى، حيث شبهوه بالخالق تعالى، فعبدوه.
انظر: التعريفات للجرجاني (ص ٨١)، منهاج السنة (٨/ ٢٩)، درء التعارض (٤/ ٣٢).
والصّحيح أن التشبيه ليس هو التمثيل؛ إذ بينهما فرق، فالتشبيه إنّما يكون في بعض الأشياء، وقد لا يكون فيها جميعاً، أما التمثيل فإنه يكون في جميع الأشياء، فإذا قلت: هذا مثل هذا، فانت تقصد أنه مماثل له تماماً، لكن إذا قلت: هذا يشبه هذا، فأنت تقصد أن بينهما شبها وبينهما أيضاً فرقاً.
انظر: بيان تلبيس الجهمية (١/ ٤٧٦)، والصفدية (١/ ١٠١).
(٥) في (ص): (ذلك)، وفي (ظ) و (ن) ما أثبته.
(٦) التأويل في اللغة: مصدر من التفعيل من آل يؤول بمعنى الإصلاح، وقيل: هو تفسير الكلام، ورجوع الشيء إلى أصله، ورد الحكم إلى أهله، لسان العرب (١١/ ٣٢).
أما التأويل اصطلاحاً فله ثلاثة معان:
الأوّل: بمعنى الحقيقة التي يؤول إليها الشيء، فتأويل صفات الله أي حقيقة صفات =

<<  <   >  >>