للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة (١)، وليس بمخلوقٍ ككلام البريَّة، فمن سمعه فزعم أنَّه كلامُ البشر فقد كفر، وقد ذمَّه الله تعالى وعابه وأوعده، حيث قال: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} [المدثر: ٢٦]، وعد الله سقر لمن قال: {إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} [المدثر: ٢٥]، فعلمنا أنَّه قول خالق البشر، ولا يشبهه قول البشر. ومن وصف الله بمعنًى من معاني البشر فقد كفر، فمن أبصر هذا اعتبر، وعن مثل قول الكفار انزجر، وعَلِم أن الله تعالى في صفاته (٢) ليس كالبشر (٣) قلتُ: ونبغتْ (٤) طائفةٌ فتكلمت في كيفية كلام الله، وهل هو بحرفٍ وصوتٍ كما نتكلم به؟، وكل هذا بدعةٌ (٥) محدَثةٌ (٦) يلزم منه الحكم في صفات الله تعالى بالقياس، وقياس الغائب على الشّاهد، وهما باطلان، والله أعلم.


(١) الحقيقة هنا تشمل اللفظ والمعنى.
(٢) في (ن): (بصفاته).
(٣) من قوله: (منه بدأ ..) وإلى: (.. ليس كالبشر) نقله المؤلف بتصرف من متن العقيدة الطحاوية (ص ٩).
(٤) في (ن): (ونبعت).
(٥) لعلّ المؤلف يقصد بذلك: أن إطلاق الكلام في هذه المسألةُ من حيث النَّفْي والإثبات بدعة محدثة، لم تكن معروفة في القرون المفضلة، وهذا ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية عندما سئل عن كلام الله: هل هو حرف وصوت أم لا؟. فأجاب: (بأن إطلاق الجواب في هذه المسألة نفياً وإثباتاً خطأ، وهي من البدع المولدة، الحادثة بعد المئة الثّالثة، ثم قال: والصواب الذي عليه سلف الأمة - كالإمام أحمد والبخاري صاحب الصّحيح، في كتاب خلق أفعال العباد وغيره وسائر الأئمة قبلهم وبعدهم - اتباع النصوص الثابتة، وإجماع سلف الأمة، وهو أن القرآن جميعه كلام الله حروفه ومعانيه، ليس شيء من ذلك كلاماً لغيره، ولكن أنزله على رسوله ... وأن الله تعالى يتكلم بصوت كما جاءت به الأحاديث الصحاح، وليس ذلك كأصوات العباد، لا صوت القارئ ولا غيره ...). انظر: مجموع الفتاوى (١٢/ ٢٤٣ - ٢٤٤).
(٦) في (ن): (محرمة).

<<  <   >  >>