للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجرت، ثم نفض لحيته فوقع رشاشها على ناموس الناس (١)، فكنا نقول: إن من أصابه من دموعه فقد حرَّمه الله على النار (٢).

ثم قال: يا أيها الناس لا تكونوا ممن يرجو الآخرة بغير العمل (٣)، ويؤخر التوبة لطول الأمل، يقولُ في الدنيا قول الزاهدين، ويعمل فيها عمل الراغبين، إن أعطي منها لم يشبع، وإن منع منها لم يقنع، يعجز عن شكر ما أوتي، ويبتغي الزيادة فيما بقي، ويأمر ولا يأتي، وينهى ولا ينتهي، يحب الصالحين ولا يعمل بأعمالهم، ويبغض الظالمين وهو منهم، تغلبه نفسه على ما يظن، ولا يغلبها على ما يستيقن، إن استغنى فتن، وإن مرض حزن، وإن افتقر قنط ووهن، فهو بين الذنب والنعمة يرتع، يُعافى فلا يشكر، ويبتلى فلا يصبر، كأن المحذَّر من الموت سواه، وكأن مَنْ وعد وزجر ما عداه.

يا أغراض (٤) المنايا، يا رهائن الموت، يا وعاء الأسقام، ويا نهبة الأيام، ويا نقل (٥) الدهر، ويا فاكهة الزمان، ويا نور الحدثان (٦)، ويا خرس (٧) عند الحجج، ويا من غمرته الفتن، وحيل بينه وبين معرفة الخبر (٨)، بحقٍّ أقول: ما


(١) هكذا في س وح. والذي في الكنز: ناس من أناس. وإذا صح ما في س وح فلعل المراد: على لباسهم، ففي جمهرة اللغة ٢/ ٨٦١: (كل شيء سترت فيه شيئًا فهو ناموس له)!.
(٢) كذا.
(٣) في الكنز: عمل.
(٤) في س وح: يا عراض. وأثبت ما في الكنز، والأغراض جمع غرض وهو هدف يرمى فيه. القاموس ص ٨٣٦.
(٥) في الكنز: ثقل!.
(٦) ينظر في معنى هذه الجملة وما قبلها.
(٧) في س وح: خرسى. وأثبت ما في الكنز.
(٨) في الكنز: العبر.

<<  <   >  >>