وجمعني مجلسٌ بواحدٍ من هؤلاء "المجددينات"، فقال لي: كيف نقدم ديننا إلى الكافرين، أبمثل هذا الحديث، ونحن نصرخ في الآفاق بأن ديننا دينُ النظافة؟!
فقلتُ له: وهل قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: (إذا رأيتم الذباب فاصطادوه ثم اغمسوه) حتى تلزمني بهذا القول المنكر؟! ثم إن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يوجب عليك أكله، وإنما أوجب غمسه، فإن طابت نفسك فكل، وإلا فما أجبرك أحد.
وقد علَّلَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وجوب الغمس بقوله:(إنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء) فإذا غمسته انفجر ذاك "الكيس" الذي فيه الدواء بفعل مقاومة المأكول، فتكون النتيجة براءة الطعام من الضرر.
فما كاد يُسلِّم لي حتى أخرجت له بحثًا لأحد الأطباء في المجامع الطبية العالمية يقرر ما ذكره النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فحينئذٍ سكت وأطرق، ثم قال:"إننا نسلم لأهل العلم، لا سيما إذا كان من المشهود لهم". فصرختُ فيه قائلا: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو سيِّدُ كُلِّ من ينسب إلى علم في الدنيا، فكيف لم تسلِّم له لما أخبرك، وسلمت "للخواجة" الكافر الذي لا يعرف شيئًا عن الاستنجاء؟!.
الواقع أننا مصابون في إيماننا. وإن كثيرًا من هؤلاء ينطبق عليهم قوله تعالى:{وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}[الزمر: ٤٥].
وقد تكلَّم علماؤنا قديمًا وحديثًا في دفع جهل هؤلاء المعترضين، منهم أبو سليمان الخطابي - رحمه الله -، فقال في "معالم السنن"(٤/ ٢٥٩):