للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولكن يجاب عنه بأن الجمع أولى من الترجيح، فالأصل في الدليلين الصيحين الإعمال لا الإهمال، والجمع هنا ممكنٌ، بل ظاهرٌ، وهو أن يكون حديث أبي سعيد هذا متأخرًا عن حادثة الإفك. فيُحمل قوله: "ما كشفت كنف أنثى قط" على أنه لم يكن تزوج بعد ذلك فشكته امرأتُة وبهذا أجاب الحافظُ.

وهناك جوابٌ آخر. قال القرطبيُّ: قوله "ما كشفت كنف أنثى قط" يعني: بزنا، أي في الحرام. اهـ.

ولكن اعترضه الحافظ، بقوله:

"فيه نظر، لأن في رواية سعيد بن أبي هلال، عن هشام بن عروة، في قصة الإفك، أنَّ الرجل الذي قيل فيه ما قيل لما بلغه الحديث، قال: "والله! ما أصبت امرأةً قط حلالاً ولا حرامًا". وفي حديث ابن عباس، عند الطبراني: "كان لا يقربُ النساء"، فالذي يظهرُ أنَّ مرادهُ بالنفي المذكور ما قبل القصة، ولا مانع أن يتزوج بعد ذلك، فهذا الجمعُ لا اعتراض عليه إلا بما جاء عن ابن إسحاق أنه كان حصورًا، لكنه لم يثبت، فلا يعارض الحديث الصحيح" انتهى كلامُ الحافظ.

وما ذكره من حديث ابن عباس، فأخرجه الطبرانيُّ (٢٣/ ١٢٣)، وفي سنده: إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، وهو متروكٌ.

وكذلك أبوه يحيى ابن سلمة. فالسند ضعيف جدًا.

وخلاصة الجواب أن الحديث صحيحٌ، وليس معناه منكرًا كما شرحناه.

أمَّا ما ذكرد ذلك الواعظ من صلاة الفجر بعد طلوع الشمس فجائزٌ، لا سيما من كان حاله كحال صفوان بن المعطل، وأنه كان ثقيل الرأس، فكانت هذه فيه كالصفات الجبلية في الإنسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>