للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التي ظاهرها التعارض في هذا الباب.

فقال ابنُ أبي حاتم في العلل ٢٤٧: "سألتُ أبي عن الحديث الذي رواه: ابنُ أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: إذا كنتم ثلاثة فأحقكم بالإمامة أقرؤكم. ورواه: حماد بنُ زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث: أتيتُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في نفر فقال: إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكبركم. قلتُ لأبي: قد اختلف الحديثان؟ فقال: حديث أوس بن ضمعج قد فسَّرَ الحديثين". اهـ.

وقال البغويُّ في شرح السنة ٣/ ٣٩٥ - ٣٩٦: لم يختلف أهلُ العلمِ في أنَّ القراءةَ والفقهَ يُقَدَّمان على قدم الهجرة، وتقدم الإسلام، وكبرِ السنِّ في الإمامة. واختلفوا في الفقهِ مع القراءةِ، فذهبَ جماعةٌ إلى أن القراءة مُقَدَّمةٌ على الفقه لظاهر الحديث، فالأقرأ أولى مِنَ الأعلمِ بالسنَّةِ، وإن استويا في القراءةِ، فالأعلم بالسُّنَّةِ -وهو الأفقه- أولى، وبه قال: سفيانُ الثوريّ، وأحمدُ، وإسحاقُ، وأصحابُ الرأي.

وذهبَ قومٌ إلى أنَّ الأفقهَ أولىَ إذا كان يُحسِنُ مِنَ القراءة ما تصحُّ به الصلاةُ، وهو قولُ عطاء بنِ أبي رباح، وبه قال: الأوزاعيُّ، ومالكٌ، وأبو ثَور، وإليه مالَ الشافعيُّ، فقال: إنْ قُدِّمَ أفقَهُهُم إذا كان يقرأُ ما يُكْتَفَى به للصلاة فَحَسَنٌ، وإنْ قُدِّمَ أقرَؤُهُم إذا عَلِمَ ما يَلزَمَهُ فَحَسَنٌ، وإنما قَدَّمَ هؤلاء الأفقهَ، لأنَّ ما يجبُ مِنَ القراءةِ في الصلاةِ محصورٌ، وما يقعُ فيها مِنَ الحوادثِ غيرُ محصورٍ، وقد يعرِضُ للمُصلِّي في صلاته ما يُفْسِدُ عليه صلَاتهُ، إذ لم يعرفْ حُكْمَهُ.

وإنما قدَّم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - القراءةَ، لأنهم كانوا يُسْلِمُون كِبَارًا، فيتفَقَّهُون قبلَ أنْ يقْرَؤوا، فلم يكن فيهم قاريءٌ إلا وهو فقيهٌ، ومَنْ بعدَهُم يَتعلَّمُون القُرآنَ صِغَارًا قبل أن

<<  <  ج: ص:  >  >>