يخرِّج لهم شيئًا في "صحيحه"، وأمَّا مسلمٌ، فإنه أخرج لعبد الله بن عيَّاش في الشواهد وليس في الأصول، ولم يرو له غيرَ حديثٍ واحدٍ كما قال الحافظُ في "التهذيب"، ثم هو متكلَّمٌ فيه. قال أبو حاتم الرازي:"ليس بالمتين، صدوق يكتب حديثه، وهو قريبٌ من ابن لهيعة" نقله ولده عبد الرحمن عنه في "الجرح والتعديل"(٢/ ٢/ ١٢٦). ووثقه ابنُ حبان، وضعَّفه أبو داود والنسائيُّ. وقال ابن يونس:"منكر الحديث". فالعجبُ مِنَ الزركشيّ أنْ يقولَ:"ليس فيهم مجروحٌ"!. وحديثُ مثله يُقبلُ في الشواهد والمتابعات. أمَّا ابنُ الجوزي - رحمه الله - فأخطأ عندما قال:"إن ابن وهبٍ هو الفسويُّ، ويقال: النَّسوي، بالنون". وليس هو، بل هو: عبد الله ابنُ وهبٍ، الإمام المصري المعروف، فهو يروي عن مالك وطبقته. وفي ترجمة عبد الله ابن عيَّاش، ذكروا في الرواة عنه "ابن وهب"، ولو كان هو "الفسوي"، لعرَّفُوه حتى لا يختلط بالمصري كما هي عادتُهُم, وحيث أهملوا نسبته، فإن ذلك يُحمل على المشهور، وإليه الإشارةُ في قول الحاكم:"مِنْ حديثِ المِصريين". والغريبُ أنَّ ابنَ الجوزي روى الحديث مِنْ طريق أصبغ بن الفرج، وابن عبد الحكم، وكلاهما من أصحاب ابن وهب الإمام، لا سيما ابن عبد الحكم، فهو مِصري, وهذا مِنْ عُيُوبِ مؤلفات ابن الجوزي، فإنه كان يؤلفها ولا يعتبرها، ثم هو مكثرٌ, فوقعت منه أوهامٌ كثيرةٌ. وفي "التذكرة"(٤/ ١٣٧٤) للذهبيّ، قال:"قرأت بخط الموقاني: وكان -يعني: ابن الجوزي- كثيرَ الغلط فيما يُصَنِّفُهُ، فإنَّه كان يفرَغ من الكتاب ولا يعتبره". قال الذهبيُّ معلقًا:"قلتُ: نعم! له وهمٌ كثيرٌ في تواليفه، يدخُلُ عليه الداخلُ مِنَ العَجَلَةِ، والتحويلِ مِنْ مُصَنّف إلى مُصَنّف آخر. ومِنْ أن جل علمه من كتبٍ وصحفٍ، ما مارسَ فيها أربابَ العلم كما ينبغي". اهـ. قلتُ (والقائل شيخُنا): وترى في هذا الكتاب شيئًا ذا بالٍ من ذلك، فالله تعالى يسامحنا وإياه. وبعد كتابة ما تقدم بنحو خمس سنواتٍ وقفتُ على كلامٍ مماثلٍ للشيخ الإمام، شيخ