فإنهما إن تَهْلِكْ ماشِيَتُهُمَا يرجعا إلى نخل وزرع، وإن رب الصريمة ورب الغنيمة إن تهلك ماشيتهما يأتنى ببينه فيقول: يا أمير المؤمنين: أفَتَاركُهُمْ أنا؟ لا أبَا لَكَ. فالماء والكلأ أيْسَرُ علىَّ من الذهب والورق، وأيْمُ اللَّه إنهم لَيَرَوْنَ أنى قد ظلمتهم، إنها لَبِلَادُهُمْ فَقَاتَلُوا عليها فى الجاهلية، وأسلموا عليها فى الإسلام، والذى نفسى بيده لولا المال الذى أحمل عليه فى سبيل اللَّه ما حَمَيْتُ عليهم من بلادهم شبرا. وقول عمر رضى اللَّه عنه فى هذا الحديث: وأدخل رب الصريمة ورب الغنيمة أى لا تمنع من الرعى فى الحمى رب الصريمة ورب الغنيمة. والصريمة تصغير صِرْمَة بكسر الصاد وهى القطعة من الإبل ما بين عشرة إلى بضع عشرة وقيل: ما بين العشر إلى الأربعين، وقيل: ما بين العشرين إلى الثلاثين. والتصغير للتقليل. أى أدخل إلى الرعى فى الحمى أصحاب الإبل القليلة والغنم القليلة تيسيرا لهؤلاء الضعاف وجبرا لخاطرهم. والمراد بالحمى المذكور فى الحديث هو حمى الشرف والربذة الذى سقته عن البخارى فى هذا البحث والشرف بفتح الشين والراء وهو جبل قال فى القاموس: قرب جبل شُرَيْف، وشُرَيْفٌ أعلى جبل ببلاد العرب وقد صعدته، وفى الشرف حمى ضرية والربذة اهـ وقول صاحب القاموس: حمى ضرية والربذة فيه نظر لأن ضَرِيَّةَ تقع فى أرض القصيم على بعد حوالى مئة وخمسين "كيلو متر" جنوب غرب مدينة الرس وتقع شرقى الربذة مع ميل إلى الجنوب بحوالى مائتى "كيلو متر" وتقع ضرية بين الرس وعفيف أما الربذة فتبعد عن المدينة المنورة بحوالى مائتى "كيلو متر" وتقع شرقى المدينة مع ميل إلى