وإن الرجل لَيُغْلِى بِصَدُقَةِ امرأته حتى يكون لها عداوةٌ فى نفسه، وحتى يقول: كُلِّفْتُ لكم عِلْقَ القربة. كنت غلاما عربيا مُوَلَّدًا فلم أدر ما عِلْقُ القِرْبَةِ. قال: وأخرى يقولونها لمن قتل فى مغازيكم أو مات: قُتِلَ فلانٌ شهيدا، أو مات فلان شهيدا. ولعله أن يكون قد أو قَرَ عَجُزَ دابته أو دَفَّ رَاحِلَتِهِ ذَهَبًا أو وَرِقًا يطلب التجارة، فلا تقولوا ذاكم، ولكن قولوا كما قال النبى -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من قُتِلَ فى سبيل اللَّه أو مات فهو فى الجنة" اهـ وقوله فى هذا الحديث: (كلفت لكم علق القربة) أى تحملت من أجل الزواج بِكِ ومن أجلك كل شئ حتى علق القربة وهو حبلها الذى تعلق به، ويروى: عرق القربة. بالراء أى تكلفت إليك وتعبت حتى عرقت كعرق القربة، وعرقها سيلان مائها. وقيل: أراد بعرق القربة عرق حاملها من ثقلها، وقال الأصمعى: عرق القربة معناه الشدة. وقوله فى الحديث. "أوقر عَجُزَ دابته" الوِقر بالكسر الحمل وأكثر ما يستعمل فى حمل البغال والحمير. وقوله: أو دَفَّ رَاحِلَتِهِ، دف الرحل هو جانب كور البعير وهو سرجه. ورجال هذا الحديث كلهم من رجال الشيخين سوى أبى العجفاء فهو مقبول. أما ما نسب إلى عمر رضى اللَّه عنه أنه لما نهى عن المغالاة فى المهور اعترضت عليه امرأة بأن اللَّه تعالى قال:{وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} فقال: أصابت امرأة وأخطأ عمر أو قال: كل الناس أفقه من عمر فهو خبر غير صحيح إذ ليس فى الآية حض على المغالاة فى المهور. وليس فيها ما يمنع من النهى على الغلو فى المهور، وإنما فيها تحذير الأزواج من الاعتداء على مهور أزواجهن مهما كانت حفظا لحقوق النساء. ولم يثبت خبر اعتراض المرأة بهذا على عمر من وجه صحيح. وإنما أخرجه عبد الرزاق وأبو يعلى والزبير بن بكار من طرق كلها معلولة. واللَّه أعلم.