قال: فكتب إلىَّ: إنما كان ذلك فى أول الإِسلام، قد أغار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على بنى المصطلق وهم غارُّون، وأنعامهم تُسقى على الماء فقتل مقاتلتهم وسبى سَبْيَهُمْ، وأصاب يومئذ (قال يحيى أحسبه قال) جويرية، (أو قال ألبتة) ابنة الحارث وحدثنى هذا الحديث عبد اللَّه بن عمر، وكان فى ذلك الجيش. وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا ابن أبى عدى عن ابن عون بهذا الإِسناد مثله وقال: جويرية ينت الحارث ولم يشك اهـ وقوله فى لفظ مسلم: (قال يحيى أحسبه قال) جويرية (أو قال ألبتة) ابنة الحارث. يعنى قال يحيى: أظن شيخى سليم بن أخضر قال: أصاب يومئذ جويرية ولم يكتف بقوله: بنت الحارث أو قال: جويرية بنت الحارث ألبتة يعنى جزما بلا شك هذا وقد حاول بعض أعداء الإِسلام من اليهود والنصارى أن يلبسوا على بعض الأغرار بأن الإِسلام إنما انتشر بالسيف، فقال بعض الناس من المنتسبين للعلم إن القتال فى الإسلام للدفاع، وتغافلوا عن الآيات الكثيرة والأحاديث الصحيحة الثابتة فى أن الجهاد إنما هو لإِعلاء كلمة اللَّه ونسى هؤلاء أو تناسوا أن الشرائع السماوية السابقة كلها متفقة على الجهاد لإعلاء كلمة اللَّه وأنها ما كانت تبيح الأسر إلا بعد التقتيل الشديد فى أعداء اللَّه وإلى ذلك يشير اللَّه تبارك وتعالى حيت يقول:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} على أن اليهود والنصارى لم يقفوا فى هذا الباب عند حدود ما شرع لهم على لسان أنبيائهم بل كانوا لا يتركون حيا يمشى على الأرض فى المدن والقرى التى يحاربونها، وما محاكم التفتيش التى أقامها النصارى