إبراهيم البُوْشَنْجِيُّ، حدثنا أبو يعقوب يُوسُف بن عَدِي، حدثنا عُبَيدُ اللهِ بن عَمْرو ٥) الرَّقِّي، عن زَيد بنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عن المِنْهَالِ بنِ عَمْرو، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْر، عن ابن عباس، قال سَعِيدٌ: جَاءَ رَجُلٌ فقال: يا ابنَ عَبَّاس، إني أَجِدُ في القُرَآنِ شَيئًا يَخْتَلِف عَلَيَّ، فذكر الحديث بطوله.
قال ابنُ عَبَّاسٍ: «قوله: ... {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (١٠١)} [المؤمنون] فهذا في النَّفْخَةِ الأُولَى، يُنْفَخُ في الصُّورِ، فَيْصَعَق مَن في السمواتِ ومَن في الأَرضِ إلا مَن شَاءَ الله، فلا أَنسَابَ بينهم عِندَ ذَلِك، ولا يَتَساءلُون، ثُمَّ إذا كان في النَّفْخَة الأُخْرى، قَامُوا فَأَقْبَل بَعْضُهُم عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُون، وأَمَّا قوله: {رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣)} [الأنعام]، وقوله: {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا (٤٢)} [النساء]، فَإِنَّ اللهَ -سُبْحَانَهُ- يَغْفِرُ يَومَ القِيامَة لأَهْلِ الإخْلَاصِ ذُنُوبَهُم، لا يَتَعَاظَمُ عَلَيه ذَنْبٌ أَنْ يَغْفِرَهُ، ولا يَغْفِرُ شِرْكًا، فَلَمَّا رَأَى المُشرِكُونَ ذَلِك قالوا: إِنَّ رَبَّنَا يَغفِرُ الذُّنُوبَ، ولا يغفر الشِّركَ، فَتَعَالَوْا نَقُول: إِنَّا كُنَّا أَهْل ذُنُوب، ولم نَكُن مُشْرِكِينَ، فقال الله - عز وجل -: أَمَا إِذْ كَتَمُوا الشِّرْكَ، فَاخْتِمُوا عَلَى أَفْوَاهِهِم، فَيُخْتَمُ عَلَى أَفْواهِهِم، فَتَنْطِقُ أَيْدِيْهِم وتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِما كَانُوا يَكْسِبُون، فعند ذَلِك عَرِفَ المُشْرِكُونَ أَنَّ الله -سبحانه- لا يُكْتَمُ حَدِيثًا، فَذَلِك قوله: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا (٤٢)} [النساء]».
أخرجه البخاري في الترجمة (١).
(١) صحيح البخاري (٦/ ١٢٧)، عن يوسف بن عدي، به. وقد ذكر إسناده في آخر الحديث، قال الحافظ في «فتح الباري» (٨/ ٥٥٩) نقلا عن البرقاني «وَفِي مُغَايَرَةِ الْبُخَارِيِّ سِيَاقَ الْإِسْنَادِ عَنْ تَرْتِيبِهِ الْمَعْهُودِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ وَإِنْ صَارَتْ صُورَتُهُ صُورَةُ الْمَوْصُولِ».