للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنَ البعث وغيره {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٣)} [يس] يقول: وإلى اللهِ تُرَدُّونَ بَعد المَوتِ أحياء لتكذيبهم بالبعث؛ فَيَجْزِيَكُم بأعمالكم».

(١٨) وبإسناده عن مُقَاتِل في قوله: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} «يعني: كُفَّار مكة {إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ} يعني: في شَكٍّ {مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ} ولم تكونوا شَيئًا {ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ} مِثْل الدَّم {ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} يعني: من المُضغة ما هي مُخَلَّقة، ومنها ما ليست هي مُخلقة وهو: السّقط من بطن أمه مُصَورًا وغير مُصَور {لِنُبَيِّنَ لَكُمْ} بَدءَ خَلْقِكُم في الأَرحام {وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ} فلا يكونُ سقطًا {إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} يقول إلى خروجه من بطن أمه، لتعتبروا في البعث ولا تَشُكُّوا فيه، إن الذي بَدَأ خلقكم لَقَادِر على أن يُعِيدَكُم بعد الموت، ثم قال {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ} من بطون أمهاتكم {طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ} إلى أربعين سنة {وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى} من قَبْل، يقول: مِن قبل أن يَبلغَ أَشُدَّه {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} من بعدِ الشَّباب والأَشُد إلى أَرْذَلِ العُمُر يعني: الهرم {لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ} كان يعلمه {شَيْئًا} فذكرَ بَدءَ الخَلق، ثم ذكر الأرضَ المَيْتَة، كيف يحييها اللهُ لتعتبروا في البعث، فإن البعثَ ليس بأشد من بدءِ الخَلق ومن الأرضِ الميتة حين يحييها من بعد موتها، فذلك قوله: {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً} يعني: مَيتة مُتَهَشِّمة غَبراء لا نَبْتَ فيها {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا} يعني: الأرض {الْمَاءَ} يعني: المطر {اهْتَزَّتْ} يعني: الأرض يقول: تحركت بالنبات، والخُضْرة، كقوله لِلحَيَّة: تَهْتَزُّ يعني: تَحَرَّك كأنها جَانّ لم تزل، ثم قال للأرض {وَرَبَتْ} يقول: أضعفت النبات {وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ} يعني: من كل صِنف {بَهِيجٍ (٥)} [الحجٍ] يعني: حسن {ذَلِكَ} يقول: هذا الذي ذكرَ اللهُ من صُنْعِهِ يَدُلُّ به على توحيده {بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} وغيره من الآلهة باطل {وَأَنَّهُ} يعني: وأن اللهَ {يُحْيِ الْمَوْتَى}

<<  <   >  >>