٢ - ليس صحيحًا بتمامه، فقد علمت مما سبق أن الحديث ليس إسناده صحيحًا عند الحافظ، فالحديث بالتالي ضعيف، إلا إذا وجد له شاهد يشهد له من جميع ما فيه من المعاني والأحكام، وإذا أنت أعدت النظر في الشاهد الذي به قوى الحافظ الحديث، لم تجد فيه التسبيح بالحصى أو النوى، ألا وهو حديث أبي أمامة، وحينئذ يتبين لك أن الحديث صحيح من ناحية ما فيه من تضعيف الثواب بمثل هذه الكلمات الواردة فيه، وهذا شيء لا أنكره، بل أشرت إلى الاعتراف به حين أوردت في المقال المشار إليه آنفًا حديث جويرية الصحيح وفيه:"سبحان الله وبحمده عدد خلقه ... "(١) ولذلك لم أورد أصل حديث سعد وكذا حديث صفية في "الأحاديث الضعيفة" لإيماني بالثواب المذكور فيها في الجملة، وإنما أوردتها بمناسبة الكلام على الحديث الموضوع:"لعم المذكر السبحة" والصلة القائمة بينه وبينهما من حيث ما فيهما من ذكر الحصى فقط، فنبهت بهذه المناسبة على ضعف سنديهما والنكارة التي في أحدهما لكي لا يحتج بهما أحد كما فعل الشيخ، ولم يكن القصد التوجه إلى بيان صحة ما فيهما من الثواب المذكور لا سيما وقد ذكرنا هناك ما يغني عنهما من هذه الحيثية ألا وهو حديث جويرية.
وجملة القول في هذه المسألة أنه ليس في حديث أبي أمامة التسبيح بالحصى، أو النوى، كما هو الواقع في حديث سعد الضعيف، وبناء على ذلك ينبغي أن يظل على ضعفه في هذه الناحية لخلوه من شاهد يجبر به ضعفه المذكور، وهذا بين لا يخفى على ذي عينين!
٣ - وأفاد كلام الحافظ السابق أن خزيمة الذي في سند حديث سعد ليس ثقة عنده، بل مجهول لا يعرف؛ وإن وثقه ابن حبان، وقد ذكرت آنفًا في المسألة الأولى ما يؤيده من كلام الذهبي، بل ومن كلام الحافظ نفسه في مصدر آخر من كتبه وهو كتابه الذي ذكر فيه أنه يحكم فيه على الراوي بأصح ما قيل فيه
(١) ولعل هذا هو المراد بتحسين الحديث من الترمذي، وبتصحيحه من الحاكم وغيره أي تحسين ما جاء به من التضعيف المذكور، وحينئذ فلا خلاف بيني وبينهم، فلا يصح حينئذ أن يعترض علي بكلامهم، فتأمل منصفًا.