وهو "التقريب" أي فيما إذا كان موصوفًا بعبارات مختلفة المراتب عند أئمة الجرح والتعديل، ولم ينظر فيه لذكر ابن حبان في "الثقات"، هكذا قال فضيلة الشيخ في رسالته (ص ٢٠) في صدد تضعيف رجل آخر لعلنا نتعرض للكلام عنه عندما تأتي المناسبة إن شاء الله تعالى، ثم هو تجاهل هذا كله في حق خزيمة هذا ولم يلتفت لتجهيل ابن حجر إياه في الكتاب المذكور:"التقريب" لغاية في نفسه لا تخفى على القارئ اللبيب، فهو يحتج بحكم ابن حجر على الراوي إذا كان موافقًا لرأيه، ولا يحتج به إذا كان مخالفًا له! وليت ذلك كان باجتهاد منه واتباع القواعد الحديثية إذًا لعذرناه, ولقلنا بأنه مأجور على كل حال، ولكنه إنما يفعل ذلك اتباعًا للهوى وتعصبًا لرأيه كما يشهد عليه بذلك غير ما موطن من هذه الرسالة، ومن ذلك قوله فيها (ص ٢٣):
"فإن قيل: فما توجيه تصحيح الحافظ ابن حجر لحديث سعد في التخريج؟ قلت: كأنه لتوثيق ابن حبان لخزيمة مع إخراجه حديثه في صحيحه ارتفع عنه عنده جهالة العين وجهالة الحال".
أقول: وهذا التوجيه باطل، ولا يخفى بطلانه على الشيخ نفسه إن كان عنده ذرة من علم، إذ كيف يجوز لعارف أن يوجه كلام العالم توجيهًا يناقض صريح كلامه، فإن التوجيه المذكور معناه: أن خزيمة ثقة عند الحافظ، مع أنه صرح بأنه لا يعرف كما نقلته عنه مرارًا، ولو أن الشيخ لا يعلم قول الحافظ هذا لربما عذرناه أيضًا ولكن ماذا يقول المنصف فيه إذا علم أن الشيخ قد اطلع على هذا القول بدليل أنه حكاه عني في رسالته (ص ١٨ سطر ١) ولكنه لم يتعرض له بجواب مطلقًا كما هو شأنه في كل قول هو حجة عليه! ومثله في ذلك مثل بعض من يدعي الإصلاح في هذا العصر من المتفقهة الذين ينظرون إلى المذاهب (ولا أقول الأربعة فقط) كشرائع متعددة، ويأخذون منها ما يناسب أهواءهم المختلفة، أو ما يقضون به على مشاكلهم الكثيرة بزعمهم، دون أن ينظروا إلى القول الذي اختاروه منها بمنظار الدليل الشرعي، بل بمنظار المصلحة المزعومة فقط! وأنى لهم أن يعرفوا