المصلحة ويقدروها قدرها اللائق بها إِذا كانوا لا يستطيعون التمييز بين صحيح الأقوال وضعيفها، ولذلك تراهم يوافقون السنة تارة، ويخالفونها تارة أخري، حَتَّى إنهم ليقررون أحيانًا ما لم يقله أحد من المسلمين قبلهم! فكذلك نرى فضيلة الشيخ ينتقي من أقوال العلماء بل العالم الواحد ما يحقق له غرضه ألا وهو الرد علي! . فإذا رأى في بعض أقوال هذا العالم ما فيه حجة لي، وردّ عليه (أعرض عنه ونآي بجانبه)! أما أن ينظر إِلَى هذه الأقوال بمنظار القواعد المقررة عند العلماء فيأخذ منها ما يوافقها، ويدع منها ما يخالفها سواء كانت له أو عليه فهذا ما لا يفعله؛ لأنه لا يستطيُعه، هذا هو الظن به، وهو أهون الأمرين! ، وإلا فاخبرني بربك كيف يقبل الشيخ قول الحافظ في تضعيف رجل وَلَا يقبله في لضعيف رجل آخر، لولا الهوى أو الجهل أعاذنا الله منهما كليهما!
وقد حضرني الآن بيت من الشعر يناسب المقام، ولكني رأيت أن الأنسب أن لا أذكره محافظة على الأسلوب العلمي في ردي على الشيخ، وعلى التأدب معه، وإن كان هو قد خرج على هذا الأسلوب في أكثر من موضع من هذه الرسالة وغيرها (! ) كما في يخفى ذلك على من طالعها.
وجملة القول في هذه المسألة أن خُزَيْمَة الذي في سند حديث الحصي من رواية سعد مجهول عند العلماء، ومنهم الحافظ ابن حجر نفسه، وتوثيق ابن حَبَّان له مما لا يعتد به عندهم، ولذلك لم يعرج عليه الحافظ المذكور، وأمَّا السبب في عدم اعتداد العلماء بتوثيق ابن حَبَّان فقد فصلت فيه القول مرارًا آخرها في بعض المقالات السابقة من هذا الرد فليرجع إليه من شاء.
وههنا شيء آخر ينبغي التنبه عليه وهو أن توجيه الشيخ لتصحيح ابن حجر للحديث بالتوجيه الذي سبق نقله عنه، وبَيَّنَّا بطلانه دليل آخر من فضيلته على أنَّه فسد بنقله كلام الحافظ مختصرًا مخلًا إيهام القاريء بان الحافظ إنَّما صحح الحديث لذاته، وهو إنَّما صححه لغيره، وسبق بيان الفرق بين الأمرين في المسألة الأولي، كما أوضحت ثمرة هذا الفرق في المسألة الثانية، وهي أن ذكر الحصى والنوى في حديث سعد ضعيف.