وبذلك يتبين للقارئ الكريم أن كلام الحافظ هو لنا لا علينا، وأن حضرة الشيخ رجع منه بخفي حنين! والله الموفق لا إله غيره.
وبهذا التحقيق يتبين للقارئ اللبيب صدق الشيخ في الشطر الأول في حكمه، الذي أطلقه على نفسه بقوله (ص ٢١) بعد بحث لا طائل تحته:
"فهذا صريح في أَنَّهُ ليس لمثلي ومثلك وظيفة التصحيح والتضعيف"
لقد أصاب في حكمه على نفسه بأنه ليس أهلا للتصحيح والتضعيف، لأنَّ المرء أعرف بنفسه من غيره، وصدق الله العظيم إذ يقول {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} والواقع أن أبحاثه في هذه الرسالة وفي غيرها (! ) تدل دلالة واضحة على صحة هذا الحكم الذي أصدره على نفسه! وهذا وحده كاف للقضاء على ما ذهب إليه من صحة الحديث الذي فيه الذكر بالحصى أو النوى لأنه باعترافه ليس أهلًا للتصحيح، فلا يقبل ذلك منه، فإن احتج بتصحيح غيره له، فالجواب من وجهين:
الأول: أَنَّهُ لم نجد حَتَّى الآن من صحح سند أحد الحديثين، حَتَّى يصح الاحتجاج بجميع ما فيه من الأحكام.
الثاني: أن أحدًا لم يصرح بثبوت ذكر الحصى في الحديث ولو ثبوتًا غير ذاتي، أعني أَنَّهُ صحيح لغيره، فهذا ما لم نره منقولا عن أحد ممن يوثق بتصحيحهم.
وأمَّا حكمه على غيره بأنه ليس له وظيفة التصحيح والتضعيف، فهذا شيء لا يرجع بت الأمر فيه إليه، بل إِلَى أَهْلِ العِلْمِ المتخصصين في هذا العلم الشريف! فلا أهمية هذا الحكم إذن!
ومِمَّا سبق يظهر للعاقل مغالطة الشيخ في قولِه (ص ٢٢):
"فبان مخالفتك لتحسين الترمذي، وتصحيح الحافظ ابن حجر له، وأن كلامك فيه لا محل له من الاعتبار بحكم قواعد علم الحديث".
وقد يحتاج الأمر إِلَى توضيح فأقول معتذرًا إِلَى القراء الأفاضل من الإطالة: